وفي ذلك اطمئنان لنفس النبي ﷺ بأن عدم معرفته الكتابة لا يحول دون قراءته لأن الله علّم الإنسان ما لم يعلم، فالذي علّم القراءة لأصحاب المعرفة بالكتابة قادر على أن يعلمك القراءة دون سبق معرفة بالكتابة.
وأشعر قوله :﴿ ما لم يعلم ﴾ أن العلم مسبوق بالجهل فكل علم يحصل فهو علم ما لم يكن يُعلَم من قبل، أي فلا يُؤْيِسَنَّك من أن تصير عالماً بالقرآن والشريعة أنك لا تعرف قراءة ما يكتب بالقلم.
وفي الآية إشارة إلى الاهتمام بعلم الكتابة وبأن الله يريد أن يُكتَب للنبيء ﷺ ما ينزل عليه من القرآن فمن أجل ذلك اتخذ النبي ﷺ كتاباً للوحي من مبدإ بعثته.
وفي الاقتصار على أمر الرسول ﷺ بالقراءة ثم إخباره بأن الله علّم الإنسان بالقلم إيماء إلى استمرار صفة الأمية للنبيء ﷺ لأنّها وصف مكمِّل لإعجاز القرآن قال تعالى :﴿ وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون ﴾ [ العنكبوت : ٤٨ ].
وهذه آخر الخمس الآيات التي هي أول ما أنزل على النبي ﷺ في غار حراء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣٠ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon