الوجه الثاني : من فضلها قوله عزّ وجلّ :﴿ تنزل الملائكة ﴾ يعني إلى الأرض وسبب هذا أنهم لما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها وظهر أن الأمر بخلاف ما قالوه وتبين حال المؤمنين وما هم عليه من الطاعة، والعبادة، والجد، والاجتهاد نزلوا إليهم ليسلموا عليها ويعتذروا مما قالوه، ويستغفروا لهم لما يرون من تقصير قد يقع من بعضهم ﴿ والروح ﴾ يعني جبريل عليه الصّلاة والسّلام قاله أكثر المفسرين : وفي حديث أنس عن رسول الله ( ﷺ ) قال :" إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون، ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزّ وجلّ " ذكره ابن الجوزي، وقيل إن الرّوح طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا في تلك الليلة ﴿ فيها ﴾ أي في ليلة القدر ﴿ بإذن ربهم ﴾ أي بأمر ربهم ﴿ من كل أمر ﴾ أي بكل أمر من الخير والبركة، وقيل بكل ما أمر به وقضاه من كل أمر.
الوجه الثالث : من فضلها قوله تعالى :﴿ سلام ﴾ أي سلام على أولياء الله وأهل طاعته قال الشّعبي : هو تسليم الملائكة في ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر، وقيل الملائكة ينزلون فيها كلما لقوا مؤمناً أو مؤمنة يسلمون عليه من ربه عزّ وجلّ، وقيل تم الكلام عند قوله ﴿ من كل أمر ﴾ ثم ابتدأ فقال تعالى :﴿ سلام هي ﴾ يعني القدر سلامة وخير ليس فيها شر، وقيل لا يقدر الله في تلك اللّيلة ولا يقضي إلا السلامة، وقيل إن ليلة القدر سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يحدث فيها أذى ﴿ حتى مطلع الفجر ﴾ أي أن ذلك السّلام أو السّلامة تدوم إلى مطلع الفجر، والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٧ صـ ٢٧١ ـ ٢٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon