فقال الناس : لا أحد يدرك منزلة هذا الملك ؛ فأنزل الله تعالى :﴿ لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ من شهور ذلك الملك، في القيام والصيام والجهاد بالمال والنفسِ والأولاد في سبيل الله.
وقال عليّ وعروة :" ذكر النبي ﷺ أربعة من بني إسرائيل، فقال :"عَبَدوا الله ثمانينَ سنة، لم يَعصُوه طرفة عين" ؛ فذكر أيوب وزكرِيا، وحِزقيل بن العجوز ويُوشَع بن نون ؛ فعجِب أصحاب النبيّ ﷺ من ذلك.
فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين، فقد أنزل الله عليك خيراً من ذلك ؛ ثم قرأ :﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر ﴾.
فسُرّ بذلك رسول الله ﷺ " وقال مالك في الموطّأ من رواية ابن القاسم وغيره : سمعت من أثق به يقول : إن رسول الله ﷺ أُرِي أعمار الأمم قبله، فكأنه تقاصر أعمار أمّته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ؛ فأعطاه الله تعالى ليلة القدر، وجعلها خيراً من ألف شهر.
وفي الترمذيّ عن الحسن بن عليّ رضي الله عنهما :" أن رسول الله ﷺ أُرِي بني أمية على منبره، فساءه ذلك ؛ فنزلت ﴿ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ الكوثر ﴾ [ الكوثر : ١ ] "، يعني نهراً في الجنة.
ونزلت ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القدر * لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ يملكها بعدك بنو أمية.
قال القاسم بن الفضل الحُدَّاني : فعدَدْناها، فإذا هي ألف شهر، لا تزيد يوماً، ولا تنقص يوماً.
قال : حديث غريب.
قوله تعالى :﴿ تَنَزَّلُ الملائكة ﴾
أي تهبط من كل سماء، ومن سِدرة المنتهى ؛ ومسكن جبريل على وسطها.
فينزلون إلى الأرض ويؤمِّنون على دعاء الناس، إلى وقت طلوع الفجر ؛ فذلك قوله تعالى :﴿ تَنَزَّلُ الملائكة ﴾.