وهذا الذي قاله مالك يقتضي تخصيص هذه الأمة بليلة القدر، وقد نقله صاحب "العُدّة" أحد أئمة الشافعية عن جمهور العلماء، فالله أعلم. وحكى الخطابي عليه الإجماع [ونقله الرافعي جازمًا به عن المذهب] والذي دل عليه الحديث أنها كانت في الأمم الماضين كما هي في أمتنا.
قال أحمد بن حنبل : حدثنا يحيى بن سعيد، عن عكرمة بن عمار : حدثني أبو زُمَيل سِمَاك الحَنَفي : حدثني مالك بن مَرْثَد بن عبد الله، حدثني مَرْثَد قال : سألت أبا ذر قلت : كيف سألت رسول الله ﷺ عن ليلة القدر ؟ قال : أنا كنت أسأل الناس عنها، قلت : يا رسول الله، أخبرني عن ليلة القدر، أفي رمضان هي أو في غيره ؟ قال :"بل هي في رمضان". قلت : تكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قبضوا رفعت ؟ أم هي إلى يوم القيامة ؟ قال :"بل هي إلى يوم القيامة". قلت : في أي رمضان هي ؟ قال :"التمسوها في العشر الأول، والعشر الأواخر". ثم حَدّثَ رسولُ الله ﷺ وحَدّث، ثم اهتبلت غفلته قلت : في أي العشرين هي ؟ قال :"ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها". ثم حدّث رسول الله ﷺ، ثم اهتبلت غفلته فقلت : يا رسول الله، أقسمت عليك بحقي عليك لَمَا أخبرتني في أي العشر هي ؟ فغضب علي غضبًا لم يغضب مثله منذ صحبته، وقال :"التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألني عن شيء بعدها".
ورواه النسائي عن الفلاس، عن يحيى بن سعيد القطان، به (١).

(١) المسند (٥/١٧١) وسنن النسائي الكبرى برقم (٣٤٢٧).


الصفحة التالية
Icon