وقال العلامة نظام الدين النيسابورى :
﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (١) ﴾
القراءات ﴿ شهر تنزل ﴾ بتشديد التاء : البزي وابن فليح ﴿ مطلع ﴾ بكسر اللام : علي وخلف.
الوقوف ﴿ في ليلة القدر ﴾ ه ج للنفي والاستفهام والوصل أولى لاتصال المبالغة في التعظيم به ﴿ ما ليلة القدر ﴾ ه ط لأن ما بعدها مبتدأ ﴿ شهر ﴾ ه ط لأن ما بعده مستأنف ﴿ ربهم ﴾ ج لاحتمال تعلق ﴿ من كل ﴾ بقوله ﴿ تنزل ﴾ ولاحتمال تعلقه بقوله ﴿ سلام ﴾ أي هي من كل عقوبة سلام أو من كل واحد من الملائكة سلام من المؤمنين قاله ابن عباس : وعلى هذا يوقف على ﴿ أمر ﴾ ويوقف على ﴿ سلام ﴾ وقيل : لا يوقف على ﴿ سلام ﴾ أيضاً والتقدير : هي سلام من كل أمر حتى مطلع ﴿ الفجر ﴾ ه.
التفسير : الضمير في ﴿ أنا أنزلناه ﴾ للقرآن إما لأن القرآن كله في حكم سورة واحدة وإما لشهرته ومن نباهة شأنه كأنه مستغن عن التصريح بذكره، وقد عظم القرآن في الآية من وجوه أخر هي إسناد إنزاله إلى نفسه دون غيره كجبرائيل مثلاً، وصيغة الجمع الدالة على عظم رتبة المنزل، إذ هو واحد في نفسه نقلاً وعقلاً والرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه وهو ليلة القدر. وههنا مسائل الأولى : كيف حكم بأنه أنزل في هذه الليلة مع أنه أنزل نجوماً في نيف وعشرين سنة؟ والجواب كما مر في البقرة في قوله ﴿ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ﴾ [ البقرة : ١٨٥ ] أي أنزل فيها من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة ثم منها إلى الأرض نجوماً، ووجه حسن المجاز أنه إذا أنزل إلى السماء الدنيا فقد شارف النزول إلى الأرض فيكون من فوائد التشويق كما قيل :
وأبرح ما يكون الشوق يوماً... إذا دنت الخيام من الخيام