يروى أنه ﷺ دخل المسجد فرأى نائماً فقال : يا علي نبهه ليتوضأ فأيقظه علي ثم قال : يا رسول الله إنك سابق إلى الخيرات فلم نبهته بنفسك؟ فقال : لأن رده على كفر ورده عليك ليس بكفر ففعلت ذلك لتخف جنايته لورد. فإذا كان هذا رحمة الرسول ﷺ فقس عليه رحمة الله تعالى عليه وكأنه سبحانه يقول : إذا عرفت ليلة القدر فإن أطعت فيها اكتسبت ثواب ألف شهر، وإن عصيت فيها اكتسبت عقاب ألف شهر، ورفع العقاب أولى من جلب الثواب، فالإشفاق أن لا يعرفها المكلف بعينها لئلا يكون بالمعصية فيها خاطئاً متعمداً. وأيضاً إذا اجتهد في طلب ليلة القدر بإحياء الليالي المظنونة باهى الله تعالى ملائكته ويقول : كنتم تقولون فيهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء فهذا جدهم في الأمر المظنون، فكيف لو جعلتها معلومة لهم فهنالك يظهر سر قوله ﴿ إني أعلم ما لا تعلمون ﴾ [ البقرة : ٣٠ ] الخامسة معنى كونها خيراً من ألف شهر أن العبادة فيها خير من ألف شهر ليس فيها هذه الليلة، وذلك لما فيها من الخيرات والبركات وتقدير الأرزاق والمنافع الدينية والدنيوية. وقال مجاهد : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ثم يجاهد حتى يمسي، فعل ذلك ألف شهر، فتعجب رسول الله ﷺ والمؤمنون من ذلك فأنزل الله تعالى السورة فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي ويؤيده ما روي عن مالك ابن أنس أن رسول الله ﷺ أري أعمار الناس فاستقصر أعمار أمته وخاف أن لا يبلغوا من الأعمال مثل ما بلغه سائر الأمم، فأعطاه الله ليلة هي خير من ألف شهر لسائر الأمم. وقيل : إن الرجل فيما مضى ما كان يستحق اسم العابد حتى يعبد الله ألف شهر. وذكر القاسم بن فضل عن عيسى بن مازن قال : قلت للحسن بن علي رضي الله عنه : يا مسود وجوه المؤمنين عمدت إلى هذا الرجل فبايعته. يعني معاوية فقال : إن رسول الله ﷺ أري في