سبب ارتفاع فضلها بقوله "تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ" جبريل عليه السلام أو نوع من الملائكة تدعى بهذا الاسم، وهم ذوات مخلوقة خفية من عالم القوى التي عجز البشر عن ادراكهم وهي تنجسد وتتشكل عند الاقتضاء، وان الإيمان بهم فرض و
كذلك الجان كما سيأتي في الآية ٣٧ من سورة عمّ من ج ٢، ينزلون إلى سماء الدنيا "فِيها" في ليلة القدر وهذا النزول يكون "بِإِذْنِ رَبِّهِمْ" وقيد بالإذن تعظيما لأمر تنزلهم والا لا يكون الا بإذنه قال تعالى "وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ" الآية ٦٧ من سورة مريم الآتية وإشارة لرغبتهم في أهل الأرض واشتياقهم لرؤية ثواب طاعتهم واستماع حنين الذاكرين وأنين العاصين منهم وقد جاء في الحديث القدسي : لأنين المؤمنين أحب إلى من زجل المسبحين "مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ٤" أي أن نزولهم لأجل كل أمر يتعلق به التقدير في تلك السنة من قضاء اللّه وقدره وهذه الليلة المباركة "سَلامٌ هِيَ" على أولياء اللّه وأهل طاعته من كل ما يخافون ويرهبون.
لما كانت الملائكة رأت أفعال الجن وافسادهم في الأرض وقالوا لربهم حينما قال لهم "إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...
أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها" الآية ٣٠ من البقرة من ج ٣، وظهر لهم الأمر بخلاف ما قالوه نزلوا باستيذان من اللّه إلى أهل الأرض ليسلموا عليهم ويعتذروا منهم ويستغفروا لهم جاء في الحديث الذي رواه أنس أن رسول اللّه قال إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كيكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر اللّه عز وجل ويكون هذا دأبهم "حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ٥" من ليلتها، فعلى الراغب بذلك أن يقوم تلك الليلة المباركة ليحظى بما من قدر له فيها الثواب العظيم المعلق على القيام فيها فأين الطالبون لنفحات اللّه أني الراغبون لعطائه هذا واللّه أعلم.


الصفحة التالية
Icon