القدر مصدر قدرت أقدر قدراً، والمراد به ما يمضيه الله من الأمور، قال :﴿إِنَّا كُلَّ شَىْء خلقناه بِقَدَرٍ﴾ [ القمر : ٤٩ ] والقدر، والقدر واحد إلا أنه بالتسكين مصدر وبالفتح اسم، قال الواحدي : القدر في اللغة بمعنى التقدير، وهو جعل الشيء على مساواة غيره من غير زيادة ولا نقصان، واختلفوا في أنه لم سميت هذه الليلة ليلة القدر، على وجوه أحدهما : أنها ليلة تقدير الأمور والأحكام، قال عطاء، عن ابن عباس : أن الله قدر ما يكون في كل تلك السنة من مطر ورزق وإحياء وإماتة إلى مثل هذه الليلة من السنة الآتية، ونظيره قوله تعالى :﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ [ الدخان : ٤ ] واعلم أن تقدير الله لا يحدث في تلك الليلة، فإنه تعالى قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض في الأزل، بل المراد إظهار تلك الليلة المقادير للملائكة في تلك الليلة بأن يكتبها في اللوح المحفوظ، وهذا القول اختيار عامة العلماء الثاني : نقل عن الزهري أنه قال : ليلة القدر ليلة العظمة والشرف من قولهم لفلان قدر عند فلان، أي منزلة وشرف، ويدل عليه قوله :﴿لَيْلَةُ القدر خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [ القدر : ٣ ] ثم هذا يحتمل وجهين أحدهما : أن يرجع ذلك إلى الفاعل أي من أتى فيها بالطاعات صار ذا قدر وشرف وثانيهما : إلى الفعل أي الطاعات لها في تلك الليلة قدر زائد وشرف زائد، وعن أبي بكر الوراق سميت : ليلة القدر لأنه نزل فيها كتاب ذو قدر، على لسان ملك ذي قدر، على أمة لها قدر، ولعل الله تعالى إنما ذكر لفظة القدر في هذه السورة ثلاث مرات لهذا السبب.
والقول الثالث : ليلة القدر، أي الضيق فإن الأرض تضيق عن الملائكة.
المسألة الخامسة :