هذه الآية فيها بشارة عظيمة وفيها تهديد عظيم، أما البشارة فهي أنه تعالى ذكر أن هذه الليلة خير، ولم يبين قدر الخيرية، وهذا كقوله عليه السلام لمبارزة علي عليه السلام مع عمرو بن عبد ود ( العامري ) " أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة " فلم يقل مثل عمله بل قال : أفضل كأنه يقول : حسبك هذا من الوزن والباقي جزاف.
واعلم أن من أحياها فكأنما عبد الله تعالى نيفاً وثمانين سنة، ومن أحياها كل سنة فكأنه رزق أعماراً كثيرة، ومن أحيا الشهر لينالها بيقين فكأنه أحيا ثلاثين قدراً، يروى أنه يجاء يوم القيامة بالإسرائيلي الذي عبد الله أربعمائة سنة، ويجاء برجل من هذه الأمة، وقد عبد الله أربعين سنة فيكون ثوابه أكثر، فيقول الإسرائيلي : أنت العدل، وأرى ثوابه أكثر، فيقول : إنكم كنتم تخافون العقوبة المعجلة فتعبدون، وأمة محمد كانوا آمنين لقوله :
﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعَذّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ﴾ [ الأنفال : ٣٣ ] ثم إنهم كانوا يعبدون، فلهذا السبب كانت عبادتهم أكثر ثواباً، وأما التهديد فهو أنه تعالى توعد صاحب الكبيرة بالدخول في النار، وأن إحياء مائة ليلة من القدر لا يخلصه عن ذلك العذاب المستحق بتطفيف حبة واحدة، فلهذا فيه إشارة إلى تعظيم حال الذنب والمعصية.
المسألة الثالثة :