والقول الثاني : وهو اختيار الأكثرين أنهم ينزلون إلى الأرض وهو الأوجه، لأن الغرض هو الترغيب في إحياء هذه الليلة، ولأنه دلت الأحاديث على أن الملائكة ينزلون في سائر الأيام إلى مجالس الذكر والدين، فلأن يحصل ذلك في هذه الليلة مع علو شأنها أولى، ولأن النزول المطلق لا يفيد إلا النزول من السماء إلى الأرض، ثم اختلف من قال : ينزلون إلى الأرض على وجوه : أحدها : قال بعضهم : ينزلون ليروا عبادة البشر وحدهم واجتهادهم في الطاعة وثانيها : أن الملائكة قالوا :﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ﴾ [ مريم : ٦٤ ] فهذا يدل على أنهم كانوا مأمورين بذلك النزول فلا يدل على غاية المحبة.
وأما هذه الآية وهو قوله :﴿بِإِذْنِ رَبّهِمْ﴾ فإنها تدل على أنهم استأذنوا أولاً فأذنوا، وذلك يدل على غاية المحبة، لأنهم كانوا يرغبون إلينا ويتمنون لقاءنا.
لكن كانوا ينتظرون الإذن، فإن قيل قوله :﴿وَإِنَّا لَنَحْنُ الصافون﴾ [ الصافات : ١٦٥ ] ينافي قوله :﴿تَنَزَّلُ الملائكة﴾ قلنا نصرف الحالتين إلى زمانين مختلفين وثالثها : أنه تعالى وعد في الآخرة أن الملائكة :


الصفحة التالية
Icon