قال القاضي أبو محمد : ثم كشف الغيب أن كان من سنة الجماعة إلى قتل مروان الجعدي هذا القدر من الزمان بعينه مع أن القول يعارضه أنه قد ملك بنو أمية في غرب الأرض مدة غير هذه، وفي الصحيح عن النبي ﷺ :" من قام ليلة القدر إيماناًَ واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " و﴿ الروح ﴾ هو جبريل وقيل : هم صنف حفظة الملائكة وقوله تعالى :﴿ بإذن ربهم من كل أمر ﴾ اختلف الناس في معناه، فمن قال إن في هذه الليلة تقدر الأمور للملائكة قال : إن هذا التنزل لذلك، و﴿ من ﴾ لابتداء الغاية أي نزولهم من أجل هذه الأمور المقدرة وسببها، ويحيء ﴿ سلام ﴾ خبراً بنداء مستأنفاً أي سلام هذه الليلة إلى أول يومها، وهذا قول نافع المقرىء والفراء وأبي العالية، وقال بعضهم ﴿ من ﴾ بمعنى الباء أي بكل أمر، ومن لم يقل بقدر الأمور في تلك الليلة قال معنى الآية ﴿ تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ﴾ بالرحمة والغفران والفواضل، ثم جعل قوله ﴿ من كل أمر ﴾ متعلقاً بقوله :﴿ سلام هي ﴾ أي من كل مخوف ينبغي أن يسلم منه فهي سلام، وقال مجاهد : لا يصيب أحداً فيها داء، وقال الشعبي ومنصور :﴿ سلام ﴾ بمعنى التحية أي تسلم الملائكة على المؤمنين، وقرأ ابن عباس وعكرمة والكلبي :" من كل امرىء " أي يسلم فيها من كل امرىء سوء، فهذا على أن سلاماً بمعنى سلامة، وروي عنه أن سلاماً بمعنى تحية، " وكل امرىء " يراد بهم الملائكة أي من كل ملك تحية على المؤمنين، وهذا للعاملين فيها بالعبادة، وذهب من يقول بانتهاء الكلام في قوله :﴿ سلام ﴾ إلى أن قوله ﴿ هي ﴾ إنما هذا إشارة إلى أنها ليلة سبع وعشرين من الشهر، إذ هذه الكلمة هي السابعة والعشرون من كلمات السورة، وذكر هذا الغرض ابن بكير وأبو بكر الوراق والنقاش عن ابن عباس، وقرأ جمهور السبعة :" حتى مطلَع الفجر " بفتح اللام، وقرأ الكسائي والأعمش وأبو رجاء وابن محيصن وطلحة :" حتى مطلِع "


الصفحة التالية
Icon