قوله تعالى :﴿ فيها ﴾ أي : في ليلة القدر ﴿ بإذن ربهم ﴾ أي : بما أمر به وقضاه ﴿ من كل أمر ﴾ قال ابن قتيبة : أي : بكل أمر.
قال المفسرون : يتنزَّلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة إلى قابل.
وقرأ ابن عمر، وابن عباس، وأبو العالية، وأبو عمران الجوني "من كل امرِىءٍ" بكسر الراء وبعدها همزة مكسورة منوَّنة، وبوصل اللام من غير همز، ولهذه القراءة وجهان.
أحدهما : من كل مَلَك سلام.
والثاني : أن تكون "من" بمعنى "على" تقديره : على كل أمر من المسلمين سلام من الملائكة، كقوله تعالى :﴿ ونصرناه من القوم الذين كذبوا ﴾ [ الأنبياء : ٧٧ ] والقراءة الموافقة لخط المصحف هي الصواب.
ويكون تمام الكلام عند قوله تعالى :
"من كل أمر" ثم ابتدأ فقال تعالى :﴿ سلام هي ﴾ أي : ليلة القدر سلام.
وفي معنى السلام قولان.
أحدهما : أنه لا يحدث فيها داءٌ، ولا يُرسَل فيها شيطان، قاله مجاهد.
والثاني : أن معنى السلام : الخير والبركة، قاله قتادة.
وكان بعض العلماء يقول : الوقف على "سلام" على معنى تنزَّل الملائكة بالسلام.
قوله تعالى :﴿ حتى مطلع الفجر ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة "مطلَع" بفتح اللام.
وقرأ الكسائي بكسرها.
قال الفراء : والفتح أقوى في قياس العربية، لأن المطلَع بالفتح : الطلوع، وبالكسر : الموضع الذي يطلع منه، إلا أن العرب تقول : طلعت الشمس مطلِعاً، بالكسر، وهم يريدون المصدر، كما تقول : أكرمتك كرامة، فتجتزئِ بالاسم عن المصدر.
وقد شرحنا هذا المعنى في "الكهف" عند قوله تعالى :﴿ مطلع الشمس ﴾ [ آية : ٩ ] شرحاً كافياً، ولله الحمد. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٩ صـ ١٨١ ـ ١٩٤﴾


الصفحة التالية
Icon