ووصف الصحف بـ ﴿ مطهرة ﴾ وهو وصف مشتق من الطهارة المجازية، أي كون معانيه لا لبس فيها ولا تشتمل على ما فيه تضليل، وهذا تعريض ببعض ما في أيدي أهل الكتاب من التحريف والأوهام.
ووصف الصحف التي يتلوها رسول الله ﷺ لأن فيها كتباً، والكتب : جمع كتاب، وهو فِعال اسم بمعنى المكتوب، فمعنى كون الكتب كائنة في الصحف أن الصحف التي يكتب فيها القرآن تشتمل على القرآن وهو يشتمل على ما تضمنته كتب الرسل السابقين مما هو خالص من التحريف والباطل، وهذا كما قال تعالى :﴿ مصدق لما بين يديه ﴾ [ البقرة : ٩٧ ] وقال :﴿ إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ﴾ [ الأعلى : ١٨، ١٩ ]، فالقرآن زُبدة ما في الكتب الأولى ومجمع ثمرتها، فأطلق على ثمرة الكتب اسم كتب على وجه مجاز الجزئية.
والمراد بالكتب أجزاء القرآن أو سوره فهي بمثابة الكتب.
والقيِّمة : المستقيمة، أي شديدة القيام الذي هو هنا مجاز في الكمال والصواب وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس تشبيهاً بالقائم لاستعداده للعمل النافع، وضده العِوَج قال تعالى :﴿ الحمد للَّه الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عِوجاً قيماً ﴾ [ الكهف : ١، ٢ ]، أي لم يجعل فيه نقص الباطل والخطأ، فالقيّمة مبالغة في القائم مثل السيد للسائد والميت للمائت.
وتأنيث الوصف لاعتبار كونه وصفاً لجمع.
وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤)