وفي حديث أبي هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال : أتدرون ما أخبارها؟ قالوا : الله و رسوله أعلم.
قال : أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا يوم كذا وكذا.
قوله تعالى :﴿ بأنَّ ربَّك أوحى لها ﴾ قال الفراء : تحدِّث أخبارها بوحي الله وإذنه لها.
قال ابن عباس : أوحى لها، أي : أوحى إليها، وأذن لها أن تخبر بما عمل عليها.
وقال أبو عبيدة :"لها" بمعنى "إليها" قال العجَّاج :
وَحَىَ لها القَرَارَ فاسْتَقَرَّتِ...
قوله تعالى :﴿ يومئذ يَصْدُرُ النَّاس ﴾ أي : يرجعون عن موقف الحساب ﴿ أشتاتاً ﴾ أي : فِرَقاً.
فأهل الإيمان على حدةٍ وأهل الكفر على حِدة ﴿ ليُرَوْا أعمالهم ﴾ وقرأ أبو بكر الصديق، وعائشة، والجحدري :"لِيَروْا" بفتح الياء.
قال ابن عباس : أي : ليروا جزاء أعمالهم.
فالمعنى : أنهم يرجعون عن الموقف فرقاً لينزلوا منازلهم من الجنة والنار.
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، تقديره : تُحَدِّث أخبارها بأن ربَّك أوحى لها ليروا أعمالهم يومئذ يصدر الناس أشتاتاً.
فعلى هذا : يرون ما عملوا من خير أو شر في موقف العَرْضِ ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة ﴾ قال المفسرون : من يعمل في الدنيا مثقال ذرة من الخير أو الشر يره وقرأ أبان عن عاصم "يُرَه" بضم الياء في الحرفين.
وقد بَيَّنَّا معنى "الذَّرَّة" في سورة [ النساء : ٤٠ ] وفي معنى هذه الرؤية قولان.
أحدهما : أنه يراه في كتابه.
والثاني : يرى جزاءه.
وذكر مقاتل : أنها نزلت في رجلين كانا بالمدينة، كان أحدهما يستقلُّ أن يعطيَ السائل الكِسْرة، أو التمرة.
وكان الآخر يتهاون بالذَّنب اليسير، فأنزل الله عز وجل هذا يُرَغِّبُهم في القليل من الخير، ويُحَذِّرهم اليسير من الشر. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٩ صـ ٢٠١ ـ ٢٠٥﴾