وعن ابن مسعود : تحدث بقيام الساعة إذا قال الإنسان ما لها، فتخبر أن أمر الدنيا قد انقضى، وأمر الآخرة قد أتى، فيكون ذلك جواباً لهم عند سؤالهم.
وتحدث هنا تتعدى إلى اثنين، والأول محذوف، أي تحدث الناس، وليست بمعنى اعلم المنقولة من علم المتعدية إلى اثنين فتتعدى إلى ثلاثة.
﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ : أي بسبب إيحاء الله، فالباء متعلقة بتحدث.
قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المعنى : يومئذ تحدث بتحديث أن ربك أوحى لها أخبارها، على أن تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث أخبارها، كما تقول : نصحتني كل نصيحة بأن نصحتني في الدين.
انتهى، وهو كلام فيه عفش ينزه القرآن عنه.
وقال أيضاً : ويجوز أن يكون ﴿ بأن ربك ﴾ بدلاً من ﴿ أخبارها ﴾، كأنه قيل : يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها، لأنك تقول : حدثته كذا وحدثته بكذا، انتهى.
وإذا كان الفعل تارة يتعدى بحرف جر، وتارة يتعدى بنفسه، وحرف الجر ليس بزائد، فلا يجوز في تابعه إلا الموافقة في الإعراب.
فلا يجوز استغفرت الذنب العظيم، بنصب الذنب وجر العظيم لجواز أنك تقول من الذنب، ولا اخترت زيداً الرجال الكرام، بنصب الرجال وخفض الكرام.
وكذلك لا يجوز أن تقول : استغفرت من الذنب العظيم، بجر الذنب ونصب العظيم، وكذلك في اخترت.
فلو كان حرف الجر زائداً، جاز الاتباع على موضع الاسم بشروطه المحررة في علم النحو، تقول : ما رأيت من رجل عاقلاً، لأن من زائدة، ومن رجل عاقل على اللفظ.
ولا يجوز نصب رجل وجر عاقل على مراعاة جواز دخول من، وإن ورد شيء من ذلك فبابه الشعر.
وعدى أوحى باللام لا بإلى، وإن كان المشهور تعديتها بإلى لمراعاة الفواصل.
قال العجاج يصف الأرض :
أوحى لها القرار فاستقرت...
وشدها بالراسيات الثبت
فعداها باللام.
وقيل : الموحى إليه محذوف، أي أوحى إلى ملائكته المصرفين أن تفعل في الأرض تلك الأفعال.