[الدهر : ٨] كان أحدهما يأتيه السائل فيسأم أن يعطيه الثمرة والكسرة والجوزة ويقول : ما هذا بشيء وإنما يؤجر على ما نعطي وكان أحدهما يتهاون بالذنب الصغير ويقول : لا شيء علي من هذا فرغب الله تعالى في القليل من الخير لأنه يوشك أن يكثر، وحذر من الذنب اليسير فإنه يوشك أن يعظم، فلهذا قال النبي ﷺ " اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة " والتحقيق أن المقصود النية فإن كان العمل قليلاً والنية خالصة حصل المطلوب، وإن كان العمل كثيراً والنية فاسدة فالمقصود فائت، ولهذا قال كعب الأحبار : لا تحقروا شيئاً من المعروف فإن رجلاً دخل الجنة بإعارة إبرة في سبيل الله، وإن امرأة أعانت بحبة في بناء بيت المقدس فدخلت الجنة. وعن عائشة أنه كان بين يديها عنب قدمته إلى نسوة بحضرتها فجاء سائل فأمرت له بحبة من ذلك، فضحك بعض من كان عندها فقالت : إن فيما ترون مثاقيل وتلت هذه الآية. قال جار الله : إن حسنات الكافر محبطة بالكفر وسيئات المؤمن مكفرة باجتناب الكبائر، فما معنى الجزاء لمثاقيل الذر من الخير والشر؟ وأجاب على مذهبه بأن المعنى فمن يعمل من فريق السعداء مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل من فريق الأشقياء مثقال ذرة شراً.


الصفحة التالية
Icon