وشبيه بذلك قوله :﴿ وَإِذَا الأرض مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾ [ الانشقاق : ٣-٤ ]، ولا يبعد أن يكون الجميع إذا راعينا صيغة الجمع أثقالها، ولم يقل ثقلها وإرادة الجمع مروية أيضاً عن ابن عباس. ذكره الألوسي، وابن جرير عنه وعن مجاهد.
وحكى الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه القولين في إملائه : أي موتاها، وقيل : كنوزها وقوله تعالى :﴿ وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا ﴾، لفظ الإنسان هنا عام وظاهره أن كل إنسان يقول ذلك، ولكن جاء ما يدل على أن الذي يقول ذلك هو الكافر. أما المؤمن فيقول :﴿ هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون ﴾ [ يس : ٥٢ ] في قوله :﴿ وَنُفِخَ فِي الصور فَإِذَا هُم مِّنَ الأجداث إلى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ قَالُواْ ياويلنا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن وَصَدَقَ المرسلون ﴾ [ يس : ٥١-٥٢ ].
فالكافر يدعو بالويل والمؤمن يطمئن للوعد، ومما يدل على أن الجواب من المؤمنين، لا من الملائكة، كما يقول بعض الناس، ما جاس في آخر السياق قوله :﴿ فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ ﴾ [ يس : ٥٣ ] - أي كلا الفريقين - ﴿ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾ [ يس : ٥٣ ].
وقوله :﴿ مَا لَهَا ﴾ سؤال استيضاح، وذهول من هول ما يشاهد. وقوله :﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴾، التحديث هنا صريح في الحديث وهو على حقيقته، لأن في ذلك اليوم تتغير أوضاع كل شيء وتظهر حقائق كل شيء، وكما أنطق الله الجلود ينطق الأرض، فتحدث بأخبارها،
﴿ وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [ فصلت : ٢١ ]، وتقدم تفصيل ذلك عند أول سورة الحشر، لأن الله أودع في الجمادات القدرة على الإدراك والنطق، والمراد بإخبارها أنها تخبر عن أعمال كل إنسان عليها في حال حياته.