في قوله :﴿زِلْزَالَهَا﴾ بالإضافة وجوه أحدها : القدر اللائق بها في الحكمة، كقولك : أكرم التقي إكرامه وأهن الفاسق إهانته، تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة والثاني : أن يكون المعنى زلزالها كله وجميع ما هو ممكن منه، والمعنى أنه وجد من الزلزلة كل ما يحتمله المحل والثالث : زلزالها الموعود أو المكتوب عليها إذا قدرت تقدير الحي، تقريره ماروى أنها تزلزل من شدة صوت إسرافيل لما أنها قدرت تقدير الحي.
وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)
أما قوله :﴿وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
في الأثقال قولان : أحدهما أنه جمع ثقل وهو متاع البيت :﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالاً لها، قال أبو عبيدة والأخفش : إذا كان الميت في بطن الأرض فهو ثقل لها، وإذا كان فوقها فهو ثقل عليها، وقيل : سمي الجن والإنس بالثقلين لأن الأرض تثقل بهم إذا كانوا في بطنها ويثقلون عليها إذا كانوا فوقها، ثم قال : المراد من هذه الزلزلة، الزلزلة الأولى يقول : أخرجت الأرض أثقالها، يعني الكنوز فيمتلىء ظهر الأرض ذهباً ولا أحد يلتفت إليه، كأن الذهب يصيح ويقول : أما كنت تخرب دينك ودنياك لأجلي! أو تكون الفائدة في إخراجها كما قال تعالى :﴿يَوْمٍ يحمى عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ﴾ [ التوبة : ٣٥ ] ومن قال : المراد من هذه الزلزلة الثانية وهي بعد القيامة.
قال : تخرج الأثقال يعني الموتى أحياء كالأم تلده حياً، وقيل : تلفظه الأسرار، ولذلك قال :﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدّثُ أَخْبَارَهَا﴾ فتشهد لك أو عليك.
المسألة الثانية :
أنه تعالى قال في صفة الأرض :﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض كِفَاتاً﴾ [ المرسلات : ٢٥ ] ثم صارت بحال ترميك وهو تقرير لقوله :﴿تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ﴾ [ الحج : ٢ ] وقوله :﴿يَوْمَ يَفِرُّ المرء﴾ [ عبس : ٣٤ ].