السؤال الثاني : ما معنى تحديث الأرض ؟ قلنا فيه وجوه : أحدها : وهو قول أبي مسلم يومئذ يتبين لكل أحد جزاء عمله فكأنها حدثت بذلك، كقولك الدار تحدثنا بأنها كانت مسكونة فكذا انتقاض الأرض بسبب الزلزلة تحدث أن الدنيا قد انقضت وأن الآخرة قد أقبلت والثاني : وهو قول الجمهور : أن الله تعالى يجعل الأرض حيواناً عاقلاً ناطقاً ويعرفها جميع ما عمل أهلها فحينئذ تشهد لمن أطاع وعلى من عصي، قال عليه السلام :" أن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل عمل عمل عليها " ثم تلا هذه الآية وهذا على مذهبنا غير بعيد لأن البنية عندنا ليست شرطاً لقبول الحياة، فالأرض مع بقائها على شكلها ويبسها وقشفها يخلق الله فيها الحياة والنطق، والمقصود كأن الأرض تشكو من العصاة وتشكر من أطاع الله، فنقول : إن فلاناً صلى وزكى وصام وحج في، وإن فلاناً كفر وزنى وسرق وجار، حتى يود الكافر أن يساق إلى النار، وكان علي عليه السلام : إذا فرغ بيت المال صلى فيه ركعتين ويقول : لتشهدن أني ملأتك بحق وفرغتك بحق والقول الثالث : وهو قول المعتزلة : أن الكلام يجوز خلقه في الجماد، فلا يبعد أن يخلق الله تعالى في الأرض حال كونها جماداً أصواتاً مقطعة مخصوصة فيكون المتكلم والشاهد على هذا التقدير هو الله تعالى.
السؤال الثالث :( إذ ) و ( يومئذ ) ما ناصبهما ؟ الجواب :( يومئذ ) بدل من إذا وناصبهما ﴿تحدث ﴾.
السؤال الرابع : لفظ التحديث يفيد الاستئناس وهناك لا استئناس فما وجه هذا اللفظ الجواب : أن الأرض كأنها تبث شكواها إلى أولياء الله وملائكته.
أما قوله تعالى :﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا﴾
ففيه سؤالان :
السؤال الأول : بم تعلقت الباء في قوله :﴿بِأَنَّ رَبَّكَ﴾ ؟ الجواب : بتحدث، ومعناه تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها.
السؤال الثاني : لم لم يقل أوحى إليها ؟ الجواب : فيه وجهان الأول : قال أبو عبيدة :﴿أوحى لَهَا﴾ أي أوحى إليها وأنشد العجاج :


الصفحة التالية
Icon