﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أيْ يومَ إذْ يقعُ ما ذُكِرَ ﴿ يَصْدُرُ الناس ﴾ من قبورِهم إلى موقفِ الحسابِ ﴿ أَشْتَاتاً ﴾ متفرقينَ بحسبِ طبقاتِهم بيضِ الوجوهِ آمنينَ وسودِ الوجوهِ فزعينَ كما مرَّ في قولِه تعالَى فتأتونَ أفواجاٍ وقيلَ : يصدرُون عن الموقفِ أشتاتاً ذاتَ اليمينِ إلى الجنةِ وذاتَ الشمالِ إلى النارِ ﴿ لّيُرَوْاْ أعمالهم ﴾ أي أجزيةَ أعمالِهم خيراً كانَ أَوْ شراً وقُرِىءَ ليَروا بالفتحِ وقولُه تعالَى :﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾ تفصيلٌ ليرَوا وَقُرِىءَ يُرَه والذرةُ النملةُ الصغيرةُ وَقيلَ ما يُرى في شُعاعِ الشمسِ منَ الهباءِ وَأياً مَا كان فمَعنى ما يعادلُها منْ خيرٍ وشرَ إما مشاهدةُ جزائِه فَمَنِ الأُولى مختصةٌ بالسُّعداءِ والثانيةُ بالأشقياءِ كيفَ لا وحسناتُ الكافرِ محبطةٌ بالكفرِ وسيئاتُ المؤمنِ المجتنبِ عن الكبائرِ معفوةٌ وما قيلَ : مِنْ أن حسنةَ الكافرِ تؤثرُ في نقصِ العقابِ يردُّه قولُه تعالَى :﴿ وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً ﴾ وأما مشاهدةُ نفسِه من غيرِ أنْ يعتبرَ مَعَهُ الجزاءُ ولاَ عدمُه بلْ يفوضُ كلٌّ منَهما إلى سائرِ الدلائلِ الناطقةِ بعفوِ صغائرِ المؤمنِ المجتنبِ عنِ الكبائرِ وإثابتِه بجميعِ حسناتِه وبحبوطِ حسناتِ الكافرِ ومعاقبتِه بجميعِ معاصيهِ فالمَعْنى ما رُوِيَ عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُما :" ليسَ منْ مؤمنٍ وَلاَ كافرٍ عملَ خيراً أو شراً إلا أراهُ الله تعالَى إيَّاهُ أما المؤمنُ فيغفرُ له سيئاتِه ويثيبُه بحسناتِه وأما الكافِرُ فيردُّ حسناتِه تحسراً ويعاقبُه بسيئاتِه ". أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٩ صـ ﴾