وقيل الذر ما يرى في شعاع الشمس من الهباء وأخرج هناد عن ابن عباس أنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم نفخ فيها وقال كل واحدة من هؤلاء مثقال ذرة وانتصاب خيراً وشراً على التمييز لأن مثقال ذرة مقدار وقيل على البدلية من مثقال والظاهر أن من في الموضعين عامة للمؤمن والكافر وأن المراد من رؤية ما يعادل مثقال ذرة من خير أو شر مشاهدة جزائه بأن يحصل له ذلك واستشكل بأن ذلك يقتضي إثابة الكافر بحسناته وما يفعله من الخير مع أنهم قالوا أعمال الكفرة محبطة وادعى في شرح المقاصد الإجماع على ذلك كيف وقد قال سبحانه وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً وقال عز وجل :﴿ أُوْلَئِكَ الذين لَيْسَ لَهُمْ فِى الآخرة إِلاَّ النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ﴾ [ هود : ١٦ ] وقال تعالى :﴿ مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٨ ] الآية وكون خيرهم الذي يرونه تخفيف العذاب يدفعه قوله تعالى :﴿ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب ﴾ [ البقرة : ٨٦ ] وقوله سبحانه :﴿ زدناهم عَذَابًا فَوْقَ العذاب بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ ﴾ [ النحل : ٨٨ ] ويقتضي أيضاً عقاب المؤمن بصغائره إذا اجتنب الكبائر مع أنهم قالوا إنها مكفرة حينئذٍ لقوله تعالى :﴿ أن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيآتكم ﴾ [ النساء : ٣١ ] وقول ابن المنير : إن الاجتناب لا يوجب التكفير عند الجماعة بل التوبة أو مشيئة الله تعالى ليس بشيء لأن التوبة والاجتناب سواء في حكم النص ومشيئة الله تعالى هي السبب الأصيل فالتزم بعضهم كون المراد بمن الأولى السعداء وبمن الثانية الأشقاء بناءً على أن فمن يعمل الخ تفصيل ليصدر الناس أشتاتاً وكان مفسراً بما حاصله فريق في الجنة وفريق في السعير فالمناسب أن يرجع كل فقرة إلى فرقة لتطابق المفصل المجمل ولأن الظاهر قوله سبحانه :﴿ فَمَن يَعْمَلْ ﴾ ومن يعمل بتكرير أداة الشرط