وقال الشوكانى فى الآيات السابقة :
﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١) ﴾
العاديات جمع عادية.
وهي الجارية بسرعة، من العدو : وهو المشي بسرعة، فأبدلت الواو ياء لكسر ما قبلها كالغازيات من الغزو.
والمراد بها الخيل العادية في الغزو نحو العدوّ.
وقوله :﴿ ضَبْحاً ﴾ مصدر مؤكد لاسم الفاعل.
فإن الضبح نوع من السير، ونوع من العدو.
يقال ضبح الفرس : إذا عدا بشدّة، مأخوذ من الضبع، وهو الدفع، وكأن الحاء بدل من العين.
قال أبو عبيدة، والمبرد : الضبح من إضباحها في السير ومنه قول عنترة :
والخيل تكدح في حياض الموت ضبحا... ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال، أي : ضابحات، أو ذوات ضبح، ويجوز أن يكون مصدراً لفعل محذوف، أي : تضبح ضبحاً.
وقيل الضبح : صوت حوافرها إذا عدت.
وقال الفراء : الضبح صوت أنفاس الخيل إذا عدت، قيل كانت تكعم لئلا تصهل، فيعلم العدوّ بهم، فكانت تتنفس في هذه الحالة بقوّة، وقيل الضبح : صوت يسمع من صدور الخيل عند العدو ليس بصهيل.
وقد ذهب الجمهور إلى ما ذكرنا من أن ﴿ العاديات ضبحاً ﴾ هي الخيل.
وقال عبيد بن عمير، ومحمد بن كعب والسديّ : هي الإبل، ومنه قول صفية بنت عبد المطلب :
فلا والعاديات غداة جمع... بأيديها إذا صدع الغبار
ونقل أهل اللغة أن أصل الضبح للثعلب، فاستعير للخيل، ومنه قول الشاعر :
تضبح في الكف ضباح الثعلب... ﴿ فالموريات قَدْحاً ﴾ هي الخيل حين توري النار بسنابكها.
والإيراء إخراج النار، والقدح الصكّ، فجعل ضرب الخيل بحوافرها كالقدح بالزناد.
قال الزجاج : إذا عدت الخيل بالليل، وأصاب حوافرها الحجارة انقدح منها النيران، والكلام في انتصاب ﴿ قدحاً ﴾ كالكلام في انتصاب ﴿ ضبحاً ﴾، والخلاف في كونها الخيل أو الإبل، كالخلاف الذي تقدّم في العاديات.