وقال القاسمى :
سورة العاديات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً ﴾
إقسام بخيل الغُزاة التي تعدُو نحو العدوِّ، فتضبح، و الضبح : صوت أنفاسِها إذا عدت. وليس المراد بالصوت الصهيل. بل قولها : اح اح، كما قاله ابن عباس. ونصب ﴿ ضَبْحاً ﴾ إما بفعله المحذوف، أو بالعاديات لإفادته معناه، أو بالحالية.
﴿ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحاً ﴾ أي : تورى النار بحوافرها. والقدح هو الضرب لإخراج النار، والإيراء يترتب عليه، لأنه إخراج النار وإيقادها ؛ فإيراؤها ما يرى من صدم حوافرها للحجارة، وتسمى نار الحباحب. ولما كان مرتباً على عدوْها عطفهُ بالفاء، وكون المراد به الحرب بعيد. وفي إعرابه الوجوه السابقة.
﴿ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً ﴾ أي : تغير على العدوّ في وقته. يقال : أغار على العدوّ، إذا هجم عليه ليقتله أو يأسره أو يستلب ماله.
قال الإمام : وهو وصف عرض للخيل من الغاية التي أجريت لها، أي : أنها تعدو ويشتد عدوها حتى يخرج الشرر من حوافرها، لتهجم على عدوّ وقت الصباح، وهو وقت المفاجأة لأخذ العدو على غير أهبة.
﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً ﴾ أي : فأهجن بذلك الوقت غباراً من الإثارة، وهي التهييج وتحريك الغبار ونحوه ليرتفع. والنقع : الغبار كما ذكرنا، وورد بمعنى الصياح، فجوّز إرادته هنا بمعنى صياح من هجم عليه، وأوقع به. لا صياح المغير على المحارب، وإن جاز على بُعد فيه، أي : هيجن الصياح بالإغارة على العدوّ، وضمير ﴿ بِهِ ﴾ للوقت والباء ظرفية. وفيه احتمالات أخر ككونه للعدو أو للإغارة، لتأويلها بالجري. فالباء سببية أو للملابسة. ويجوز كونها ظرفية أيضاً. والضمير للمكان الدال عليه السياق، للعلم بأن الغبار لا يثار إلا من موضع. وهو الذي اختاره ابن جرير.


الصفحة التالية
Icon