أي : أبعدهذا الاحتجاب ومخالفة العقل، ولا يعلم بنور فطرته وقوة عقله ﴿ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ﴾ أي : بعث وأثير ما في القبور وإخراج موتاها.
﴿ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ ﴾ أي : أظهر وأبرز ما في صدورهم ونفوسهم من أسرارهم ونياتهم المكتومة فيها، من خير أو شر.
﴿ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ ﴾ أي : عالم بأسرارهم وضمائرهم وأعمالهم، فيجازيهم على حسبها يومئذ. وتقديم الظرف، إما لمكان نظم السجع ورعاية الفواصل، أو للتخصيص لوقوع علمه تعالى كناية عن مجازاته، وهي إنما تكون يومئذ.
قال الرازيّ : وإنما خص أعمال القلوب بالتحصيل دون أعمال الجوارح، لأن أعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب، فإنه لولا البواعث والإرادات في القلوب، لما حصلت أفعال الجوارح ؛ ولذلك جعلها تعالى الأصل في الذم فقال :﴿ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [ البقرة : ٢٨٣ ] والأصل في المدح فقال :
﴿ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [ الأنفال : ٢ ]. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ١٧ صـ ٤٦٣ ـ ٤٦٦﴾