فإن قيل : على أي شيء عطف قوله :﴿فَأَثَرْنَ﴾ قلنا : على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه، والتقدير واللائي عدون فأورين، وأغرن فأثرن.
المسألة الرابعة :
قرأ أبو حيوة :﴿فَأَثَرْنَ﴾ بالتشديد بمعنى فأظهرن به غباراً، لأن التأثير فيه معنى الإظهار، أو قلب ثورن إلى وثرن وقلب الواو همزة.
فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (٥)
ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
قال الليث : وسطت النهر والمفازة أسطها وسطاً وسطة، أي صرت في وسطها، وكذلك وسطتها وتوسطتها، ونحو هذا، قال الفراء : والضمير في قوله :﴿بِهِ﴾ إلى ماذا يرجع ؟ فيه وجوه أحدها : قال مقاتل : أي بالعدو، وذلك أن العاديات تدل على العدو، فجازت الكناية عنه، وقوله :﴿جَمْعاً﴾ يعني جمع العدو، والمعنى صرن بعدوهن وسط جمع العدو، ومن حمل الآيات على الإبل، قال : يعني جمع منى وثانيها : أن الضمير عائد إلى النقع أي : وسطن بالنقع الجمع وثالثها : المراد أن العاديات وسطن ملبساً بالنقع جمعاً من جموع الأعداء.
المسألة الثانية :
قرىء :﴿فَوَسَطْنَ﴾ بالتشديد للتعدية، والباء مزيدة للتوكيد كقوله :﴿وَأُتُواْ بِهِ﴾ [ البقرة : ٢٥ ] وهي مبالغة في وسطن، واعلم أن الناس أكثروا في صفة الفرس، وهذا القدر الذي ذكره الله أحسن، وقال عليه الصلاة والسلام :" الخيل معقود بنواصيها الخير "، وقال أيضاً :" ظهرها حرز وبطنها كنز " واعلم أنه تعالى لما ذكر المقسم به، ذكر المقسم عليه وهو أمور ثلاثة : أحدها : قوله :
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)


الصفحة التالية
Icon