النقباء فأبطأ عليه ﷺ خبرها شهراً فقال المنافقون أنهم قتلوا فنزلت السورة إخباراً له عليه الصلاة والسلام بسلامتها وبشارة له ﷺ بإغارتها على القوم لم يعد وأجيب بأنه كرم الله تعالى وجهه أراد أن غزوة بدر هي أفضل غزوات الإسلام وبدرها الذي ليس فيه انثلام فيتعين أن لا تكون المراد ذلك ويسلك في الآية ما يناسبها من المسالك ولا يخفى أن هذا الجواب لا يتحمل لمزيد ضعفه الإغارة عليه وإطلاق أعنة عاديات الأفكار إليه والأحرى أن الخبر لا صحة له وتصحيح الحاكم محكوم عليه عند أهل الأثر بكثرة التساهل فيه وأنه غير معتبر ثم أن النقل عنه رضي الله تعالى عنه في المراد بالعاديات متعارض فما تقدم أنه إبل الحجاج ونقل صاحب التأويلات أنه كرم الله تعالى وجهه فسرها بإبل بدر وأن ابن مسعود هو الذي فسرها بإبل الحجاج ويرجح إرادة الخيل أن إثارة النقع فيها أظهر منها في الإبل ثم إن ذلك الخبر يقتضي أن للقسم به نوعان الخيل والإبل وجماعة الغزاة أو الحجاج الموقدة ناراً لطعامها أو نحوه وفي بعض الآثار عن ابن عباس ما هو أصرح مما تقدم في تفسير الموريات بما يغاير العاديات بالذات ففي "البحر" عنه أنها الجماعة التي توري نارها بالليل لحاجتها وطعامها وفي رواية أخرى عنه تلك جماعة الغزاة تكثر النار إرهاباً ورويت المغايرة عن آخرين أيضاً فعن مجاهد وزيد بن أسلم وهي رواية أخرى عن ابن عباس هي الجماعة تمكر في الحرب فالعرب تقول إذا أرادت المكر بالرجل والله لأورين له ومن الغريب ما روي عن عكرمة أنها ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما يتكلم به ويظهر من الحجج والدلائل وإظهار الحق وإبطال الباطل وهو كما ترى.


الصفحة التالية
Icon