فصل فى معانى السورة كاملة
قال الشيخ المراغى رحمه الله :
سورة القارعة
(الْقارِعَةُ) من أسماء القيامة كالحاقة والصاخّة والطامّة والغاشية وسميت بذلك لأنها تقرع القلوب بهولها، كما تسمى الحادثة العظيمة من حوادث الدهر قارعة، قال تعالى :" وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ " أي حادثة عظيمة تقرعهم وتصك أجسادهم فيألمون لها.
الفراش : هو الحشرة التي تراها تترامى على ضوء السراج ليلا، وبها يضرب المثل فى الجهل بالعاقبة قال جرير :
إن الفرزدق ما علمت وقومه مثل الفراش غشين نار المصطلى
والمبثوث : المفرق المنتشر، تقول بثثت الشيء : أي فرقته.
أي إن الناس من هول ذلك اليوم يكونون منتشرين حيارى هائمين على وجوههم لا يدرون ماذا يفعلون، ولا ماذا يراد بهم كالفراش الذي يتجه إلى غير جهة واحدة.
بل تذهب كل فراشة إلى جهة غير ما تذهب إليها الأخرى.
وجاء تشبيههم فى آية أخرى بالجراد المنتشر فى كثرتهم وتتابعهم فقال :" كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ ".
(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) العهن (بكسر العين وسكون الهاء) الصوف ذو الألوان، والمنفوش : الذي نفش ففرقت شعراته بعضها عن بعض حتى صار على حال يطير مع أضعف ريح.
أي إن الجبال لتفتتها وتفرق أجزائها لم يبق لها إلا صورة الصوف المنفوش فلا تلبث أن تذهب وتتطاير، فكيف يكون الإنسان حين حدوثها وهو ذلك الجسم الضعيف السريع الانحلال.
والمراد من كون أمه هاوية - أن مرجعه الذي يأوى إليه مهواة سحيقة فى جهنم يهوى فيها، كما يأوى الولد إلى أمه، قال أمية بن أبى الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمّنا فيها مقابرنا وفيها نولد
(وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ ؟ ) أي وأىّ شىء يخبرك بما هى تلك الهاوية، وأنها أىّ شىء تكون ؟
ثم فسرها بعد إبهامها فقال :
(نارٌ حامِيَةٌ) أي هى نار ملتهبة يهوى فيها ليلقى جزاء ما قدّم من عمل، وما اجترح من سيئات.