وجمهور المفسرين على أن هذه الحادثة هي الحشر فجعلوا القارعة من أسماء يوم الحشر مثل القيامة، وقيل : أريد بها صيحة النفخة في الصُّور، وعن الضحاك : القارعة النار ذات الزفير، كأنه يريد أنها اسم جهنم.
وهذا التركيب نظير قوله تعالى :﴿ الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة ﴾ [ الحاقة : ١ ٣ ] وقد تقدم.
ومعنى ﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾ زيادة تهويل أمر القارعة و ﴿ ما ﴾ استفهامية صادقة على شخص، والتقدير : وأي شخص أدراك، وهو مستعمل في تعظيم حقيقتها وَهَوْلها لأن هول الأمر يستلزم البحث عن تعرفة.
وأدراك : بمعنى أعلمك.
و﴿ ما القارعة ﴾ استفهام آخر مستعمل في حقيقته، أي ما أدراك جواب هذا الاستفهام.
وسدّ الاستفهام مَسدَّ مفعولي ﴿ أدراك ﴾.
وجملة :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾ عطف على جملة ﴿ ما القارعة ﴾.
والخطاب في ﴿ أدراك ﴾ لغير معين، أي وما أدراك أيها السامع.
وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى :﴿ الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة ﴾ [ الحاقة : ١ ٣ ] وتقدم بعضه عند قوله تعالى :﴿ وما أدراك ما يوم الدين ﴾ في سورة الانفطار ( ١٧ ).
يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤)
﴿ يوم ﴾ مفعول فيه منصوب بفعل مضمر دل عليه وصف القارعة لأنه في تقدير : تَقْرع، أو دل عليه الكلام كله فيقدر : تكون، أو تحصل، يوم يكون الناس كالفراش.
وجملة :﴿ يوم يكون الناس ﴾ مع متعلقها المحذوف بيان للإِبهامين اللذين في قوله :﴿ ما القارعة ﴾ [ القارعة : ٢ ] وقوله :﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾ [ القارعة : ٣ ].
وليس قوله :﴿ يوم يكون الناس ﴾ خبراً عن ﴿ القارعة ﴾ إذ ليس سياق الكلام لتعيين يوم وقوع القارعة.
والمقصود بهذا التوقيت زيادة التهويل بما أضيف إليه ﴿ يوم ﴾ من الجملتين المفيدتين أحوالاً هائلة، إلا أن شأن التوقيت أن يكون بزمان معلوم، وإذ قد كان هذا الحال الموقت بزمانه غير معلوم مَداه.


الصفحة التالية
Icon