فصل


قال السمرقندى فى الآيات السابقة :
قوله تعالى ﴿ القارعة مَا القارعة ﴾
يعني : القيامة والساعة ما الساعة وهذا من أسماء يوم القيامة مثل الحاقة والطامة والصاخة، وإنما سميت القارعة لأنها تنزع القلوب بالأهوال ويقال سماها قارعة لثلاثة : لأنها تقرع في أذن العبد بما علم وسمعه والثاني تقرع أركان العبد بعضه في بعض والثالث تقرع القلوب كما تقرع القصار الثوب ثم قال عز وجل ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة ﴾ تعظيماً لشدتها ثم وصفها فقال ﴿ يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث ﴾ يعني : كالجراد كالفراش يجول بعضهم في بعض كما قال في آية أخرى ﴿ خُشَّعاً أبصارهم يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ ﴾ [ القمر : ٧ ] ويقال شبههم بالفراش لأنهم يلقون أنفسهم في النار كما يلقي الفراش نفسه في النار ﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾ يعني : كالصوف المندوف وهي تمر مَرَّ السحاب ﴿ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ موازينه ﴾ يعني : رجحت حسناته على سيئاته ويقال ثقلت موازينه بالعمل الصالح بالصلاة والزكاة وغيرها من العبادات ﴿ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ يعني : في عيش مرضي يعني : في الجنة لا موت فيها ولا فقر ولا مرض ولا خوف ولا جنون يعني : آمن من كل خوف وفقر ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ موازينه ﴾ يعني : رجحت سيئاته على حسناته يعني : الكافر ويقال من خفت موازينه يعني : لا يكون له عمل صالح ﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ يعني : مصيره إلى النار قال قتادة هي أمهم ومأواهم وإنما سميت الهاوية لأن الكافر إذا طرح فيها يهوي على هامته وإنما سميت أمه لأنه مصيره إليها ومسكنه فيها ثم وصفها فقال ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴾ تعظيماً لشدتها ثم أخبر عنها فقال ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ يعني : حارة قد انتهى حرها وأصله ما هي فأدخلت الهاء للوقف كقوله ﴿ فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كتابه بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقرؤا كتابيه ﴾ [ الحاقة : ١٩ ] وأصله كتابي قرأ حمزة والكسائي وما أدراك ما هي بغير هاء في الوصل وبالهاء


الصفحة التالية
Icon