وقال الماوردى :
قول تعالى ﴿ القارِعَةُ * ما القارِعَةُ ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : أنها العذاب، لأنها تقرع قلوب الناس بهولها.
ويحتمل ثانياً : أنها الصيحة لقيام الساعة، لأنها تقرع بشدائدها.
وقد تسمى بالقارعة كل داهية، كما قال تعالى :﴿ ولا يزالُ الذِّين كفروا تُصيبُهم بما صَنَعوا قارعةٌ ﴾ [ الرعد : ٣١ ] قال الشاعر :
متى تُقْرَعْ بمرْوَتكم نَسُؤْكم... ولم تُوقَدْ لنا في القدْرِ نارُ
﴿ ما القارعة ﴾ تعظيماً لها، كما قال تعالى :﴿ الحاقّة ما الحاقّة ﴾.
﴿ يومَ يكونُ النّاسُ كالفَراشِ المبْثُوثِ ﴾ وفي الفراش قولان :
أحدهما : أنه الهمج الطائر من بعوض وغيره، ومنه الجراد، قاله الفراء، الثاني : أنه طير يتساقط في النار ليس ببعوض ولا ذباب، قاله أبو عبيدة وقتادة.
وفي ﴿ المبثوث ﴾ ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه المبسوط، قاله الحسن.
الثاني : المتفرق، قاله أبو عبيدة.
الثالث : أنه الذي يحول بعضه في بعض، قاله الكلبي.
وإنما شبه الناس الكفار يوم القيامة بالفراش المبثوث لأنهم يتهافتون في النار كتهافت الفراش.
﴿ وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ المنْفُوشِ ﴾ والعِهن : الصوف ذو الألوان في قول أبي عبيدة، وقرأ ابن مسعود :" كالصوف ".
وقال ﴿ كالْعِهْنِ المَنْفُوشِ ﴾ لخفته، وضعفه، فشبه به الجبال لخفتها، وذهابها بعد شدَّتها وثباتها.
ويحتمل أن يريد جبال النار تكون كالعهن لحمرتها وشدة لهبها، لأن جبال الأرض تسير ثم تنسف حتى يدك بها الأرض دكّا.
﴿ فأمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُه ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه ميزان ذو كفتين توزن به الحسنات والسيئات، قاله الحسن، قال أبو بكر رضي الله عنه : وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلاً.
الثاني : الميزان هو الحساب، قاله مجاهد، ولذلك قيل : اللسان وزن الإنسان، وقال الشاعر :
قد كنت قبل لقائكم ذا مِرّةٍ... عندي لكل مُخاصِمٍ مِيزانُه
أي كلام أعارضه به.