وقال الخازن :
قوله عزّ وجلّ :﴿ القارعة ﴾
أصل القرع الصّوت الشّديد، ومنه قوارع الدّهر أي شدائده، والقارعة من أسماء القيامة.
سميت بذلك لأنها تقرع القلوب بالفزع، والشدائد وقيل سميت قارعة بصوت إسرافيل لأنه إذا نفخ في الصور مات جميع الخلائق من شدة صوت نفخته، ﴿ ما القارعة ﴾ تهويل وتعظيم، والمعنى أنها فاقت القوارع في الهول والشّدة ﴿ وما أدراك ما القارعة ﴾ معناه لا علم لك بكنهها لأنها في الشدة بحيث لا يبلغها فهم أحد وكيفما قدرت أمرها فهي أعظم من ذلك ﴿ يوم يكون الناس كالفراش المبثوث ﴾ الفراش هذه الطير التي تراها تتهافت في النار سميت بذلك لفرشها، وانتشارها، وإنما شبه الخلق عند البعث بالفراش، لأن الفراش إذا ثار لم يتجه لجهة واحدة.
بل كل واحدة تذهب إلى غير جهة الأخرى، فدل بهذا التشبيه على أن الخلق في البعث يتفرقون، فيذهب كل واحد إلى غير جهة الآخر، والمبثوث المتفرق، وشبههم أيضاً بالجراد فقال : كأنهم جراد منتشر وإنما شبههم بالجراد لكثرتهم قال الفراء : كغوغاء الجراد يركب بعضه بعضاً فشبه الناس عند البعث بالجراد لكثرتهم بموج بعضهم في بعض، ويركب بعضهم بعضاً من شدة الهول.


الصفحة التالية
Icon