وقال النسفى :
سورة الْقَارِعَةِ
مكية وهي إحدى عشرة آية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
﴿ القارعة ﴾مبتدأ ﴿ مَا ﴾ مبتدأ ثانٍ ﴿ القارعة ﴾ خبره والجملة خبر المبتدأ الأول، وكان حقه ما هي وإنما كرر تفخيماً لشأنها ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا القارعة ﴾ أي أيّ شيء أعلمك ما هي ومن أين علمت ذلك؟ ﴿ يَوْمٍ ﴾ نصب بمضمر دلت عليه القارعة أي تقرع يوم ﴿ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث ﴾ شبههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار، وسمي فراشاً لتفرشه وانتشاره ﴿ وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش ﴾ وشبه الجبال بالعهن وهو الصوف المصبغ ألوناً لأنها ألوان ﴿ وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ ألوانها ﴾ [ فاطر : ٢٧ ] وبالمنفوش منه لتفرق أجزائها ﴿ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ موازينه ﴾ باتباعهم الحق وهي جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله، أو جمع ميزان وثقلها رجحانها ﴿ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ ذات رضا أو مرضية ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ موازينه ﴾ باتباعهم الباطل ﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ فمسكنه ومأواه النار.
وقيل : للمأوى أمٌّ على التشبيه لأن الأم مأوى الولد ومفزعه ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴾ الضمير يعود إلى ﴿ هَاوِيَةٌ ﴾ والهاء للسكت ثم فسرها فقال ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ بلغت النهاية في الحرارة والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير النسفى حـ ٤ صـ ٣٧٣ ـ ٣٧٤﴾