وأخذ المدية، فقال له رسول الله ﷺ :"إياكَ والحَلُوبَ" فذبح لهم ؛ فأكَلُوا من الشَّاة ومن ذلك العِذق، وشرِبوا ؛ فلما أن شبِعوا وروُوا، قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر :"والذي نفسي بيده لَتُسْأَلُنَّ عن نعيم هذا اليوم، يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم" " خرجه الترمذيّ، وقال ( فيه ) :" هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تُسألون عنه يوم القيامة : ظِلٌّ بارد، ورُطب طَيِّب، وماء بارد " وكنَّى الرجل الذي من الأنصار، فقال : أبو الهيثم بن التَّيهان.
وذكر قصته.
قلت : اسم هذا الرجل الأنصاريّ مالك بن التيهان، ويكنى أبا الهيثم.
وفي هذه القصة يقول عبد الله بن رواحة، يمدح بها أبا الهيثم بن التَّيّهان :
فَلَمْ أرَ كالإسلامِ عِزاً لأِمّةٍ...
ولا مِثلَ أضيافِ الإِراشيّ مَعْشَرَا
نبيّ وصِدِّيقٌ وفاروق أمّة...
وخير بني حوّاء فرِّعا وعُنْصُرا
فوافَوْا لِميقاتٍ وقَدْرِ قَضيةٍ...
وكان قضاء الله قَدْرا مُقَدَّرَا
إلى رجلٍ نَجْدٍ يُباري بِجودِهِ...
شُموسَ الضُّحَى جودا ومجداً ومَفخرا
وفارِسِ خلقِ الله في كل غارةٍ...
إذا لبِس القومُ الحديدَ المُسَمَّرَا
فَفَدَّى وحَيّا ثم أَدْنَى قِراهُمُ...
فلَمْ يَقْرِهِمْ إلاَّ سَمِيناً مُتَمَّرَا


الصفحة التالية
Icon