وأما من شذا منهم لأن يتكلم للعامة فيأتي بعجائب، يقولون هذا فتح هذا من العلم اللدني علم الخضر، حتى أن من ينتمي إلى العلم لما رأى رواج هذه الطائفة سلك مسلكهم ونقل كثيراً من حكاياتهم ومزج ذلك بيسير من العلم طلباً للمال والجاه وتقبيل اليد ؛ ونحن نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لطاعته.
وقرأ الجمهور : ألهاكم على الخبر ؛ وابن عباس وعائشة ومعاية وأبو عمران الجوني وأبو صالح ومالك بن دينار وأبو الجوزاء وجماعة : بالمد على الاستفهام، وقد روي كذلك عن الكلبي ويعقوب، وعن أبي بكر الصديق وابن عباس أيضاً والشعبي وأبي العالية وابن أبي عبلة والكسائي في رواية : أألهاكم بهمزتين، ومعنى الاستفهام : التوبيخ والتقرير على قبح فعلهم ؛ والجمهور : على أن التكرير توكيد.
قال الزمخشري : والتكرير تأكيد للردع والإنذار ؛ وثم دلالة على أن الإنذار الثاني أبلغ من الأول وأشد، كما تقول للمنصوح : أقول لك ثم أقول لك لا تفعل، والمعنى : سوف تعلمون الخطاب فيما أنتم عليه إذا عاينتم ما قدامكم من هول لقاء الله تعالى.
وقال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه :﴿ كلا سوف تعلمون ﴾ في القبور ﴿ ثم كلا سوف تعلمون ﴾ في البعث : غاير بينهما بحسب التعلق، وتبقى ثم على بابها من المهلة في الزمان.
وقال الضحاك : الزجر الأول ووعيده للكافرين، والثاني للمؤمنين.
﴿ كلا لو تعلمون ﴾ : أي ما بين أيديكم مما تقدمون عليه، ﴿ علم اليقين ﴾ : أي كعلم ما تستيقنونه من الأمور لما ألهاكم التكاثر أو العلم اليقين، فأضاف الموصوف إلى صفته وحذف الجواب لدلالة ما قبله عليه وهو ﴿ ألهاكم التكاثر ﴾.
وقيل : اليقين هنا الموت.
وقال قتادة : البعث، لأنه إذا جاء زال الشك.


الصفحة التالية
Icon