وقيل : هي في المواضع الثلاثة بمعنى ألا.
قال قتادة : اليقين هنا الموت، وروي عنه أيضاً أنه قال : هو البعث.
قال الأخفش : التقدير لو تعلمون علم اليقين ما ألهاكم.
وقوله :﴿ لَتَرَوُنَّ الجحيم ﴾ جواب قسم محذوف، وفيه زيادة وعيد وتهديد، أي : والله لترونّ الجحيم في الآخرة.
قال الرازي : وليس هذا جواب لو، لأن جواب لو يكون منفياً، وهذا مثبت.
ولأنه عطف عليه ﴿ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ ﴾ وهو : مستقبل لا بدّ من وقوعه قال : وحذف جواب لو كثير، والخطاب للكفار، وقيل : عام كقوله :﴿ وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ [ مريم : ٧١ ] قرأ الجمهور :﴿ لترون ﴾ بفتح التاء مبنياً للفاعل وقرأ الكسائي، وابن عامر بضمها مبنياً للمفعول.
ثم كرّر الوعيد والتهديد للتأكيد فقال :﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ اليقين ﴾ أي : ثم لترونّ الجحيم الرؤية التي هي نفس اليقين، وهي المشاهدة والمعاينة، وقيل المعنى : لترونّ الجحيم بأبصاركم على البعد منكم، ثم لترونها مشاهدة على القرب.
وقيل المراد بالأوّل رؤيتها قبل دخولها، والثاني رؤيتها حال دخولها.
وقيل : هو إخبار عن دوام بقائهم في النار، أي : هي رؤية دائمة متصلة.
وقيل المعنى : لو تعلمون اليوم علم اليقين، وأنتم في الدنيا لترونّ الجحيم بعيون قلوبكم، وهو أن تتصوّروا أمر القيامة وأهوالها.
﴿ ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النعيم ﴾ أي : عن نعيم الدنيا الذي ألهاكم عن العمل للآخرة.
قال قتادة : يعني : كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، ولم يشكروا ربّ النعم حيث عبدوا غيره، وأشركوا به.
قال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلاّ أهل النار.


الصفحة التالية
Icon