وقال قتادة : إن الله سبحانه سائل كل ذي نعمة عما أنعم عليه، وهذا هو الظاهر، ولا وجه لتخصيص النعيم بفرد من الأفراد، أو نوع من الأنواع ؛ لأن تعريفه للجنس، أو الاستغراق، ومجرّد السؤال لا يستلزم تعذيب المسئول على النعمة التي يسئل عنها، فقد يسأل الله المؤمن عن النعم التي أنعم بها عليه فيم صرفها، وبم عمل فيها؟ ليعرف تقصيره، وعدم قيامه بما يجب عليه من الشكر.
وقيل : السؤال عن الأمن والصحة.
وقيل : عن الصحة والفراغ، وقيل : عن الإدراك بالحواسّ، وقيل : عن ملاذ المأكول والمشروب.
وقيل : عن الغداء والعشاء.
وقيل : عن بارد الشراب وظلال المساكن.
وقيل : عن اعتدال الخلق.
وقيل : عن لذة النوم، والأولى العموم، كما ذكرنا.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن أبي بردة في قوله :﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ قال : نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث تفاخروا وتكاثروا، فقالت إحداهما : فيكم مثل فلان، وفلان.
وقال الآخرون : مثل ذلك تفاخروا بالأحياء.
ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور، فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان يشيرون إلى القبر، ومثل فلان، وفعل الآخرون كذلك، فأنزل الله :﴿ ألهاكم التكاثر * حتى زُرْتُمُ المقابر ﴾ لقد كان لكم فيما زرتم عبرة وشغل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ ألهاكم التكاثر ﴾ قال : في الأموال والأولاد.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قرأ رسول الله ﷺ :"ألهاكم التكاثر" يعني عن الطاعة ﴿ حتى زُرْتُمُ المقابر ﴾ يقول : حتى يأتيكم الموت ﴿ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ يعني : لو قد دخلتم قبوركم ﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ يقول : لو قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم.
﴿ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين ﴾ قال : لو قد وقفتم على أعمالكم بين يدي ربكم.


الصفحة التالية
Icon