(حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ) أي حتى هلكتم وصرتم من الموتى، فأضعتم أعماركم فيما لا يجدى فائدة، ولا يعود عليكم بمائدة، فى حياتكم الباقية الخالدة.
قال العلماء : إن زيارة القبور من أعظم الدواء للقلب القاسي، لأنها تذكر بالموت والآخرة، وذلك يحمل على قصر الأمل والزهد فى الدنيا وترك الرغبة فيها،
ومن ثم قال صلى اللّه عليه وسلم :« كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهّد فى الدنيا وتذكركم الآخرة ».
كما لا خلاف فى منع زيارتها إذا حدث فى ذلك منكرات وأشياء مما نهى عنه الدين كاختلاط الرجال بالنساء وحدوث فتن لا تحمد عقباها.
ثم نبههم إلى خطإ ما هم فيه، وزجرهم عن البقاء على تلك الحال التي لها وخيم العاقبة فقال :
(كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) أي ازدجروا عن مثل هذا العمل الذي لا تكون عاقبته إلا القطيعة والهجران، والضغينة والأحقاد، والجئوا إلى التناصر على الحق، والتكاثف على أعمال البر، والتضافر على ما فيه حياة الأفراد والجماعات، من تقويم الأخلاق، وتطهير الأعراق، وإنكم سوف تعلمون عاقبة ما أنتم فيه من التكاثر إذا استمر بكم هذا التفاخر بالباطل بدون عمل صحيح نافع لكم فى العقبى.
ثم أكد هذا وزاد فى التهديد فقال :
(ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ) وهذا وعيد بعد وعيد فى مقام الزجر والتوبيخ كما يقول السيد لعبده : أقول لك لا تفعل، ثم أقول لك لا تفعل.


الصفحة التالية
Icon