قبراً وأبْعَدَهم من مَنزِل الذَّام...
أي كنتُ أقربهم منكَ قبراً، أي صاحبَ قبر.
و﴿ المقابر ﴾ : جمع مقبَرة بفتح الموحدة وبضمها.
والمقبرة الأرض التي فيها قبور كثيرة.
والتوبيخ الذي استُعمل فيه الخبر أُتبع بالوعيد على ذلك بعد الموت، وبحرف الزجر والإِبطال بقوله :﴿ كلا سوف تعلمون ﴾ فأفاد ﴿ كلا ﴾ زجراً وإبطالاً لإِنهاء التكاثر.
و﴿ سوف ﴾ لتحقيق حصول العلم.
وحدف مفعول ﴿ تعلمون ﴾ لظهور أن المراد : تعلمون سوء مَغَبَّة لهوكم بالتكاثر عن قبول دعوة الإِسلام.
وأكد الزجر والوعيد بقوله :﴿ ثم كلا سوف تعلمون ﴾ فعطف عطفاً لفظيّاً بحرف التراخي أيضاً للإِشارة إلى تراخي رتبة هذا الزجر والوعيد عن رتبة الزجر والوعيد الذي قبله، فهذا زجر ووعيد مماثل للأول لكن عطفه بحرف ﴿ ثم ﴾ اقتضى كونه أقوى من الأول لأنه أفاد تحقيق الأول وتهويله.
فجملة :﴿ ثم كلا سوف تعلمون ﴾ توكيد لفظي لجملة :﴿ كلا سوف تعلمون ﴾ وعن ابن عباس :﴿ كلا سوف تعلمون ﴾ ما ينزل بكم من عذاب في القبر :﴿ ثم كلا سوف تعلمون ﴾ عند البعث أن ما وعدتم به صِدق، أي تُجعل كلَّ جملة مراداً بها تهديد بشيء خاص.
وهذا من مُسْتَتْبَعات التراكيب والتعويل على معونة القرائن بتقدير مفعول خاص لكلِّ من فِعلي ﴿ تعلمون ﴾، وليس تكرير الجملة بمقتض ذلك في أصل الكلام.
ومفاد التكرير حاصل على كل حال.