والخطاب موجه إلى المشركين على نسق الخطابات السابقة.
والجملة المضاف إليها ( إذ ) من قوله : يومئذ } محذوفة دل عليها قوله :﴿ لترون الجحيم ﴾ [ التكاثر : ٦ ] أي يوم إذ ترون الجحيم فيغلظ عليكم العذاب.
وهذا السؤال عن النعيم الموجه إلى المشركين هو غير السؤال الذي يُسأله كل منعَم عليه فيما صرف فيه النعمة، فإن النعمة لما لم تكن خاصة بالمشركين خلافاً للتكاثر كان السؤال عنها حقيقاً بكل منعَم عليه وإن اختلفت أحوال الجزاء المترتب على هذا السؤال.
ويؤيده ما ورد في حديث مسلم عن أبي هريرة قال :" خرج رسول الله ﷺ ذات يوم فإذا هو بأبي بكر وعمر فقاما معه فأتى رجلاً من الأنصار فإذا هو ليس في بيته.
إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله ﷺ وصاحبيه ثم قال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرمُ أضيافاً مني فانطلق فجاءهم بعِذْق فيه بُسْر وتَمر ورُطب وأخذ المدية فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا قال رسول الله ﷺ والذي نفسي بيده لتُسألنَّ عن نعيم هذا اليوم يوم القيامة " الحديث.
فهذا سؤال عن النعيم ثبت بالسنة وهو غير الذي جاء في هذه الآية.
والأنصاري هو أبو الهيثم بن التَّيِّهان واسمه مالك.
ومعنى الحديث : لتُسألن عن شكر تلك النعمة، أراد تذكيرهم بالشكر في كل نعمة.
وسؤال المؤمنين سؤال لترتيب الثواب على الشكر أو لأجل المؤاخذة بالنعيم الحرام.
وذكر القرطبي عن الحسن : لا يُسأل عن النعيم إلا أهل النار، وروي "أن أبا بكر لما نَزَلَتْ هذه الآية قال : يا رسول الله أرأيتَ أكلة أكلتُها معك في بيت أبي الهيثم بن التيِّهان من خبز شعير ولحم وبُسر قد ذَنَّب وماء عذب، أنخاف أن يكون هذا من النعيم الذي نُسأل عنه؟ فقال عليه السلام :" ذلك للكُفار " ثم قرأ :﴿ وهل يُجازَى إلا الكفور ﴾ [ سبأ : ١٧ ].