وفد سخر لهم الملوك وعوام الناس في تحسين الظن بهم وبذل المال لهم، وأما من شذ منهم لأنه يتكلم للعامة فيأتي بعجائب، يقولون : هذا فتح من العلم اللدني على الخضر.
حتى إن من ينتمي إلى العلم، لما رأى رواج هذه الطائفة سلك مسلكهم، ونقل كثيراً من حكاياتهم، ومزج ذلك بيسير من العلم طلباً للمال والجاه وتقبيل اليد.
ونحن نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لطاعته. ١ه. بحروفه.
وهذا الذي قاله رحمه الله من أعظم ما افتتن به المسلمون في دينهم ودنياهم معاً.
أما في دينهم : فهو الغلو الذي نهى عنه ﷺ، صيانة للتوحيد، من سؤال غير الله. وأما في الدنيا فإن الكثير من هؤلاء يتركون مصالح دنياهم من زراعة أو تجارة أو صناعة، ويطوف بتلك الأماكن تاركاً ومضيعاً من يكون السعي عليه أفضل من نوافل العبادات.
مما يلزم على طلبة العلم في كل مكان وزمان، أن يرشدوا الجهلة منهم، وأن يبينوا للناس عامة خطأ وجهل أولئك، وأن الرحيل لتلك القبور ليس من سنة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، ولا كان من عمل الخلفاء الراشدين، ولا من عامة الصحابة ولا التابعين، ولا من عمل أئمة المذاهب الأربعة رحمهم الله.
وإنما كان عمل الجميع زيارة ما جاورهم من المقابر للسلام عليهم والدعاء لهم، والأتعاظ بحالهم، والاستعداد لما صاروا إليه.
نسأل الله الهداية والتوفيق، لاتّباع سنة رسول الله ﷺ، والاقتفاء بآثار سلفة الأمة، آمين.
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)
كلا : زجر عن التلهي والتكاثر والمذكور، وسوف تعلمون : أي حقيقة الأمر، ومغبة هذا التبهي، ثم كلا سوف تعلمون، تكرار للتأكيد.
وقيل : إنه لا تكرار، لما روي عن علي رضي الله عنه : أن الأولى في القبر، والثانية يوم القيامة. وهو معقول.
واستدل بهم بعضهم على عذاب القبر.