ومعلوم صحة حديث القبر " إنما القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار ".
والسؤال فيه معلوم، ولكن أرادوا مأخذه من القرآن.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في الكلام على سورة غافر، عند ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سواء العذاب ﴾ [ غافر : ٤٥ ]، إثبات عذاب القبر من القرآن.
وكذلك بيان معناه في آخر سورة الزخرف عند الكلام على قوله تعالى :﴿ فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [ الزخرف : ٨٩ ].
وهذا الزجر هنا والتحذير لهم رداً على ما كانوا عليه في التكاثر.
كما قال الشاعر :
ولست بالأكثر منهم حصى... وإنما العزة للكاثر
واصرح دليل لإثبات عذاب القبر من القرآن، هو قوله تعالى :﴿ النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة أدخلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ العذاب ﴾ [ غافر : ٤٦ ]، لأن الأول في الدنيا، والثاني في الآخرة.
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)
لو : هنا شرطية : جوابها محذوف باتفاق قدره ابن كثير أي لو علمتم حق العلم، لما ألهاكم التكاثر عن طلب الآخرة، حتى صرتم إلى المقابر، وعلم اليقين : أجاز أبو حيان إضافة الشيء لنفسه، أي لمغايرة الوصف، إذ العلم هو اليقين، ولكنه آكد منه.
وعن حسان قوله :
وسرنا وساروا إلى بدر لحتفهم... لو يعلمون يقين العلم ما ساروا
ولترون الجحيم : جواب لقسم محذوف.
وقال : المراد برؤيتها عند أول البعث، أو عند الورود، أو عند ما يتكشف الحال في القبر.
ثم لترونها عين اليقين :
قيل : هذا للكافر عند دخولها، هذا حاصل كلام المفسرين.
ومعلوم أن هذا ليس لمجرد الإخبار برؤيتها، ولكن وعيد شديد وتخويف بها، لأن مجرد الرؤية معلوم.