وعلى هذا فإن نعم الله عديدة، كما قال :﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَآ ﴾ [ النحل : ١٨ ].
وبهذا تعلم أن كل ما قاله المفسرون، فهو من قبيل التمثيل لا الحصر، كما قال تعالى :﴿ لاَ تُحْصُوهَآ ﴾.
وأصول هذه النعم أولها بالإسلام ﴿ اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأسلام دِيناً ﴾ [ المائدة : ٣ ].
ويدخل فيها نعم التشريع والتخفيف، عما كان على الأمم الماضية.
كما يدخل فيها نعمة الإخاء في الله ﴿ واذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]، وغير ذلك كثيراً.
وثانيها : الصحة، وككال الخلقة والعافية، فمن كمال الخلقة الحواس ﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ﴾ [ البلد : ٨-٩ ].
ثم قال :﴿ إِنَّ السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾ [ الإسراء : ٣٦ ].
وثالثها : المال في كسبه وإنفاقه سواء، ففي كسبه من حله نعمة، وفي إنفاقه في أوجهه نعمة.
هذه أصول النعم، فماذا يسأل عنه، منها جاءت السنة بأنه سيسأل عن كل ذلك جملة وتفصيلا.
أما عن الدين والمال والصحة، ففي مجمل الحديث " إذا كان يوم القيامة، لا تزال قدم عبد حتى يسأل عن خمس : عن عمره فيما أبلاه، وعن علمه فيم عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن شبابه فيم أفناه ".
ولعظم هذه الآية وشمولها، فإنها أصبحت من قبيل النصوص مضرب المثل، فقد فصلت السنة جزئيات ما كانت تخطر ببال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.


الصفحة التالية
Icon