مِنْ أَنْ يُوصَفَ أَوْ يُتَصَوَّرَ بِسَمَاعِ لَفْظٍ إذْ الْمُخْبِرُ لَيْسَ كَالْمُعَايِنِ وَلِهَذَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْقَسَمِ عَلَى الرُّؤْيَةِ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْيَقِينِ الَّتِي هِيَ فَوْقَ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ عِلْمُ الْيَقِينِ فَقَالَ :﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾ وَهَذَا الْكَلَامُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ مُسْتَقْبَلٍ مَعَ كَوْنِ جَوَابِ لَوْ مَحْذُوفًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ. وَفِي الْآخَرِ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِلَوْ لَكِنْ يُقَالُ جَوَابُ لَوْ إنَّمَا يَكُونُ مَاضِيًا فَيُقَالُ : لَرَأَيْتُمْ الْجَحِيمَ. كَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ لَوْ تَكُونُونَ عَلَى الْحَالِ الَّتِي تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمْ الْمَلَائِكَةُ فِي طُرُقِكُمْ وَعَلَى فُرُشِكُمْ ﴾ وَلَوْ كَانَ مَاضِيًا فَلَيْسَ مِمَّا يُؤَكَّدُ بَلْ يُقَالُ : لَوْ يَجِيءُ لَأَجِيءُ. وَجَوَابُ هَذَا أَنَّهُ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ سَدَّ مَسَدَّ جَوَابِ لَوْ. كَقَوْلِهِ :﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْقُرْآنِ وَكَلَامِ الْعَرَبِ فَإِنَّ الْكَلَامَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى قَسَمٍ وَشَرْطٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي جَوَابَهُ أُجِيبَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَهُوَ هُنَا الْقَسَمُ وَهُوَ الْمَقْصُودُ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْمَعْنَى : وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِين لترون الْجَحِيمَ بِقُلُوبِكُمْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمِنْ الْمُفَسِّرِينَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَثَرُوهُ عَنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ وَأَنَّهُ الْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا ﴾ ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ ﴾ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا