فالقول الأول : أن هذا السؤال إنما يكون في موقف الحساب، فإن قيل : هذا لا يستقيم، لأنه تعالى أخبر أن هذا السؤال متأخر عن مشاهدة جهنم بقوله :﴿ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ﴾ وموقف السؤال متقدم على مشاهدة جهنم ؟ قلنا : المراد من قوله :﴿ثُمَّ﴾ أي ثم أخبركم أنكم تسألون يوم القيامة، وهو كقوله :﴿فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ﴾ إلى قوله :﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين ءامَنُواْ﴾ [ البلد : ١٣ - ١٧ ].
القول الثاني : أنهم إذا دخلوا النار سئلوا عن النعيم توبيخاً لهم، كما قال :﴿كُلَّمَا أُلْقِىَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا﴾ [ الملك : ٨٠ ] وقال :﴿مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ﴾ [ المدثر : ٤٢ ] ولا شك أن مجيء الرسول نعمة من الله، فقد سئلوا عنه بعد دخولهم النار، أو يقال : إنهم إذا صاروا في الجحيم وشاهدوها، يقال لهم : إنما حل بكم هذا العذاب لأنكم في دار الدنيا اشتغلتم بالنعيم عن العمل الذي ينجيكم من هذه النار، ولو صرفتم عمركم إلى طاعة ربكم لكنتم اليوم من أهل النجاة الفائزين بالدرجات، فيكون ذلك من الملائكة سؤالاً عن نعيمهم في الدنيا، والله سبحانه وتعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٢ صـ ٧٢ ـ ٧٩﴾


الصفحة التالية
Icon