قال : وجاء عمر فقال له رسول اللّه :" يا أبا الخطّاب ما أخرجك؟ " قال : يا رسول اللّه الذي أخرجكما. وقعد معهما عمر قال : فأقبل رسول اللّه ( عليه السلام ) يحدّثهما ثم قال :" هل لكما من قوّة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان طعاماً وشراباً وظلاًّ؟ " قلنا : نعم، قال :" مرّوا بنا إلى أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري " فتقدّم رسول اللّه ﷺ بين أيدينا فاستأذن وسلّم عليهم ثلاث مرّات، وأُمّ الهيثم تسمع الكلام من وراء الباب، وتريد أن يزيدهم رسول اللّه ( عليه السلام )، فلمّا أراد رسول اللّه ( عليه السلام ) أن ينصرف خرجت أُمّ الهيثم تسعى خلفهم فقالت : يا رسول اللّه لقد سمعت تسليمك ولكنّي أردت أن تزيدنا من سلامك.
فقال لها رسول اللّه ( عليه السلام ) :" أين أبو الهيثم؟ " قالت : يا رسول اللّه هو قريب، ذهب يستعذب لنا من الماء، ادخلوا فإنه يأتي الساعة إن شاء اللّه.
وبسطت لهم بساطاً تحت شجرة حتى جاء أبو الهيثم، ففرح بهم أبو الهيثم وقرّت عينه، وصعد أبو الهيثم على نخلة يصرم لهم عذقاً، فقال له رسول اللّه ﷺ " حسبك يا أبا الهيثم " قال : يا رسول اللّه تأكلون من بسره ومن رطبه وتذنوبه ثم أتاهم فشربوا عليه فقال رسول اللّه ﷺ " هذا من النعيم الذي تُسألون عنه ".
ثم قام أبو الهيثم إلى شاة لهم ليذبحها، فقال رسول اللّه ﷺ " إياك واللبون " وقامت أُمّ الهيثم تعجن لهم وتخبز فوضع رسول اللّه ﷺ وأبو بكر وعمر رؤوسهم للقائلة، فانتبهوا وقد أدرك طعامهم فوضع بين أيديهم الطعام فأكلوا وشبعوا وحمدوا اللّه عزّ وجلّ، ثم ردّ عليهم أبو الهيثم بقية الأعذاق فأكلوا من رطبه [ ومن تذنوبه ] فسلّم عليهم رسول اللّه ﷺ ودعا لهم بخير ".