قال الفخر :
اعلم أن اليوم الثامن من ذي الحجة يسمى بيوم التروية، واليوم التاسع منه يسمى بيوم عرفة، وذلك الموضع المخصوص سمي بعرفات، وذكروا في تعليل هذه الأسماء وجوهاً أما يوم التروية ففيه قولان أحدهما : من روي يروي تروية، إذا تفكر وأعمل فكره ورويته والثاني : من رواه من الماء يرويه إذا سقاه من عطش أما الأول : ففيه ثلاثة أقوال أحدها : أن آدم عليه السلام أمر ببناء البيت، فلما بناه تفكر فقال : رب إن لكل عامل أجراً فما أجري على هذا العمل ؟ قال : إذا طفت به غفرت لك ذنوبك بأول شوط من طوافك، قال : يا رب زدني قال : أغفر لأولادك إذا طافوا به، قال : زدني قال : أغفر لكل من استغفر له الطائفون من موحدي أولادك، قال : حسبي يا رب حسبي وثانيها : أن إبراهيم عليه السلام رأى في منامه ليلة التروية كأنه يذبح ابنه فأصبح مفكراً هل هذا من الله تعالى أو من الشيطان ؟ فلما رآه ليلة عرفة يؤمر به أصبح فقال : عرفت يا رب أنه من عندك وثالثها : أن أهل مكة يخرجون يوم التروية إلى منى فيروون في الأدعية التي يريدون أن يذكروها في غدهم بعرفات.
أما القول الثاني : وهو اشتقاقه من تروية الماء، ففيه ثلاثة أقوال : أحدها : أن أهل مكة كانوا يخفون الماء للحجيج الذين يقصدونهم من الآفاق، وكان الحجاج يستريحون في هذا اليوم من مشاق السفر، ويتسعون في الماء، ويروون بهائمهم بعد مقاساتهم قلة الماء في طريقهم والثاني : أنهم يتزودون الماء إلى عرفة والثالث : أن المذنبين كالعطاش الذي وردوا بحار رحمة الله فشربوا منها حتى رووا
وأما يوم عرفة فله عشرة أسماء، خمسة منها مختصة به، وخمسة مشتركة بينه وبين غيره، أما الخمسة الأولى فأحدها : عرفة، وفي اشتقاقه ثلاثة أقوال :


الصفحة التالية
Icon