وقيل : هذا اليوم يوم صلة الواصلين ﴿اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى﴾ [المائدة : ٣] ويوم قطيعة القاطعين ﴿أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين وَرَسُولُهُ﴾ [التوبة : ٣] ويوم إقالة عثر النادمين وقبول توبة التائبين ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا﴾ [الأعراف : ٢٣] فكما تاب برحمته على آدم فيه فكذلك يتوب على أولاده ﴿وَهُوَ الذى يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ﴾ [الشورى : ٢٥] وهو أيضاً يوم وفد الوافدين ﴿وَأَذّن فِى الناس بالحج يَأْتُوكَ رِجَالاً﴾ [الحج : ٢٧] وفي الخبر " الحجاج وفد الله، والحجاج زوار الله وحق على المزور الكريم أن يكرم زائره "
وأما الأسماء الخمسة الأخرى ليوم عرفة فأحدها : يوم الحج الأكبر قال الله تعالى :﴿وَأَذَانٌ مّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الناس يَوْمَ الحج الأكبر﴾ [التوبة : ٣] وهذا الاسم مشترك بين عرفة والنحر، واختلف الصدر الأول من الصحابة والتابعين فيه، فمنهم من قال : إنه عرفة، وسمي بذلك لأنه يحصل فيه الوقوف بعرفات والحج عرفة إذا لو أدركه وفاته سائر مناسك الحج أجزأ عنها الدم، فلهذا السبب سمي بالحج الأكبر قال الحسن : سمي به لأنه اجتمع فيه الكفار والمسلمون، ونودي فيه أن لا يحج بعده مشرك، وقال ابن سيرين : إنما سمي به لأنه اجتمع فيه أعياد أهل الملل كلها من اليهود والنصارى وحج المسلمون ولم يجتمع قبله ولا بعده، ومنهم من قال : إنه يوم النحر لأنه يقع فيه أكثر مناسك الحج، فأما الوقوف فلا يجب في اليوم بل يجزىء في الليل وروى القولان جميعاً عن علي وابن عباس عن النبي ﷺ، وثانيها : الشفع وثالثها : الوتر ورابعها : الشاهد وخامسها : المشهود في قوله :﴿وشاهد وَمَشْهُودٍ﴾ [البروج : ٣] وهذه الأسماء فسرناها في هذه الآية. (١)
أهـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٤٨ ـ ١٤٩﴾
(١) بعض الأقوال فى سبب تسمية عرفة بهذا الاسم يحتاج إلى سند كالذى نسب إلى آدم وحواء وإبراهيم ـ عليهم السلام جميعا من الله تعالى ـ والله أعلم.