والثالث : قال مالك في " الموطأ" الجدال في الحج أن قريشاً كانوا يقفون عند المشعر الحرام في المزدلفة بقزح وكان غيرهم يقفون بعرفات وكانوا يتجادلون يقول هؤلاء : نحن أصوب، ويقول هؤلاء : نحن أصوب، قال الله تعالى :﴿لّكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلاَ ينازعنك فِى الأمر وادع إلى رَبّكَ إِنَّكَ لعلى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ وَإِن جادلوك فَقُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ الحج : ٦٧ ٦٨) قال مالك هذا هو الجدال فيما يروى والله أعلم.
والرابع : قال القاسم بن محمد : الجدال في الحج أن يقول بعضهم : الحج اليوم، وآخرون يقولون : بل غداً، وذلك أنهم أمروا أن يجعلوا حساب الشهور على رؤية الأهلة، وأخرون كانوا يجعلونه على العدد فبهذا السبب كانوا يختلفون فبعضهم يقول : هذا اليوم يوم العيد وبعضهم يقول : بل غدا، فالله تعالى نهاهم عن ذلك، فكأنه قيل لهم : قد بينا لكم أن الأهلة مواقيت للناس والحج، فاستقيموا على ذلك ولا تجادلوا فيه من غير هذه الجهة.
الخامس : قال القفال رحمه الله تعالى : يدخل في هذا النهي ما جادلوا فيه رسول الله ﷺ حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة فشق عليهم ذلك وقالوا : نروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :" لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة " وتركوا الجدال حينئذ.
السادس : قال عبد الرحمن بن زيد : جدالهم في الحج بسبب اختلافهم في أيهم المصيب في الحج لوقت إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
السابع : أنهم كانوا مختلفين في السنين فقيل لهم : لا جدال في الحج فإن الزمان استدار وعاد إلى ما كان عليه الحج في وقت إبراهيم عليه السلام، وهو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع :" ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض " فهذا مجموع ما قاله المفسرون في هذا الباب.


الصفحة التالية
Icon