والمراد تشبيه ذكر الله بذكر آبائهم في الكثرة والتكرير وتعمير أوقات الفراغ به وليس فيه ما يؤذن بالجمع بين ذكر الله وذكر الآباء. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٢ صـ ٢٤٥﴾
لطيفة
سئل أبو يعقوب المكى كيف تذكر الحق كذكر الأب ؟
فقال : اعلم أنه إذا ضربك فإنه أدبك لحبه لك، وإذا سلبك فاعلم أنه أعطاك بقربه منك، وليس يسعك سوء الظن به لشفقته عليك. أ هـ ﴿عرائس البيان صـ ٧١﴾.
قوله تعالى :﴿أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾
قال ابن عاشور :
وقوله :﴿أو أشد ذكرا﴾ أصل أو أنها للتخيير ولما كان المعطوف بها في مثل ما هنا أولى بمضمون الفعل العامل في المعطوف عليه أفادت ( أو ) معنى من التدرج إلى أعلى، فالمقصود أن يذكروا الله كثيراً، وشبه أولاً بذكر آبائهم تعريضاً بأنهم يشتغلون في ذلك المناسك بذكر لا ينفع وأن الأجدر بهم أن يعوضوه بذكر الله فهذا تعريض بإبطال ذكر الآباء بالتفاخر. ولهذا قال أبو علي الفارسي وابن جنى : إن ( أو ) في مثل هذا للإضراب الانتقالي ونفَيَا اشتراط تقدم نفي أو شبهه واشتراط إعادة العامل. وعليه خُرج قوله تعالى :
﴿ وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون﴾ {الصافات : ١٤٧ ]، وعلى هذا فالمراد من التشبيه أولاً إظهار أن الله حقيق بالذكر هنالك مثل آبائِهم ثم بين بأن ذكر الله يكون أشد لأنه أحق بالذكر.


الصفحة التالية