واعلم أن الآية تفيد المبالغة في العذاب من وجوه أحدها : أن قوله :﴿لَيُنبَذَنَّ﴾ [ الهمزة : ٤ ] يقتضي أنه موضع له قعر عميق جداً كالبئر وثانيها : أنه لو شاء يجعل ذلك الموضع بحيث لا يكون له باب لكنه بالباب يذكرهم الخروج، فيزيد في حسرتهم وثالثها : أنه قال :﴿عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾ ولم يقل : مؤصدة عليهم لأن قوله :﴿عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾ يفيد أن المقصود أولاً كونهم بهذه الحالة، وقوله مؤصدة عليهم لا يفيد هذا المعنى بالقصد الأول.
فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
قرىء ( في عمد ) بضمتين وعمد بسكون الميم وعمد بفتحتين، قال الفراء : عمد وعمد وعمد مثل الأديم والإدم والأدم والإهاب والأهب والأهب، والعقيم والعقم والعقم وقال المبرد وأبو علي : العمد جمع عمود على غير واحد ؛ أما الجمع على واحد فهو العمد مثل زبور وزبر ورسول ورسل.
المسألة الثانية :
العمود كل مستطيل من خشب أو حديد، وهو أصل للبناء، يقال : عمود البيت للذي يقوم به البيت.
المسألة الثالثة :
في تفسير الآية وجهان الأول : أنها عمد أغلقت بها تلك الأبواب كنحو ما تغلق به الدروب، وفي بمعنى الباء أي أنها عليهم مؤصدة بعمد مدت عليها، ولم يقل : بعمد لأنها لكثرتها صارت كأن الباب فيها والقول الثاني : أن يكون المعنى : إنها عليهم مؤصدة حال كونهم موثقين : فى عمد ممدة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص، اللهم أجرنا منها يا أكرم الأكرمين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٣٢ صـ ٨٦ ـ ٩٠﴾


الصفحة التالية
Icon